12 سبتمبر 2025
تسجيلإن الأمة الإسلامية تمر في هذا العصر بمرحلة من الهوان والضعف لم تبلغها في أي حقبة من حقب التاريخ الإسلامي، فقد اجتمعت قوى الشر من شرق وغرب فرمت بسهامها عن قوس واحدة، تعمل على تمزيق الجسد المتماسك وتفتيت لحمه وتكسير عظامه، حتى توهنه فلا يستطيع أن يقوم مرة ثانية ويقف على رجليه، فأصابت الأمة في مقاتل عدة فأوهنت قواها وضعفت كلمتها وذهب ريحها وسقطت هيبتها بين الأمم، فليعلم كل إنسان عاقل أن الاتحاد يقوي الضعفاء ويزيد الأقوياء قوة على قوتهم، فهو وسيلة العزة لهذه الأمة التي يجب أن تعود لعزتها وتستعيد هيبتها بين الأمم، فاللبنة وحدها ضعيفة مهما تكن متانتها، وآلاف اللبنات المتفرقة والمتناثرة ضعيفة بتناثرها وإن بلغت الملايين، ولكنها في الجدار قوة لا يسهل تحطيمها لأنها باتحادها مع اللبنات الأخرى في تماسك منظم قوي ومتين، أصبحت قوة لا يستهان بها، وهذا ما أشار إليه الهدي النبوي بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه» متفق عليه.فعلى الجميع في أرجاء المعمورة أن يستيقظوا لما يتعرض له ديننا الحنيف من هجمات شرسة من هنا وهناك بالإساءة إلى الدين ومحاولة تمزيق صفوف المسلمين.. أقول لأبناء هده الأمة: هل نسيتم قضيتكم الأساسية وسرتم وراء أهواءكم الشخصية؟ إن أمتنا الإسلامية تختلف عن سائر الأمم، فإن أوطاننا تحتاج لقوة التماسك والترابط، وأفضل من هذا كله أن تجتمع الأمة على عقيدة وعلى مبدأ أتى به محمد صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام الذي يجب أن نلتف حوله ونتمسك به.. يقول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) آل عمران: 103، فكلما حدثت جفوة أو حصل هجر عدنا إلى الدين وتذكرنا أننا نصلي الصلوات الخمس وأننا نتجه إلى قبلة واحدة ونتبع رسولا واحدا ونعبد ربا واحدا ومعنا كتاب واحد وسنة واحدة، فلله الحمد، فمنهج الإسلام في تربية النفوس قائم على التحابب والتقارب والتآلف، ومن هنا فلا تباغض ولا تحاسد ولا تدابر في حياة المسلم الصادق، وكيف يكون في حياته شيء من هذه الخلائق الوضيعة وصوت النبوة يسكب في سمعه أروع منهج للأخلاق عرفته البشرية منذ أن كان إنسان على ظهر الأرض بقوله "لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله" رواه مسلم، لذلك يجب أن يكون هدف أئمة الإسلام والقائمين على شؤون هذه الأمة الدعوة إلى الاتحاد والألفة واجتماع القلوب والتئام الصفوف، والبعد عن الاختلاف والفرقة وكل ما يمزق جسد الأمة من العداوة الظاهرة أو البغضاء الباطنة وكل ما يؤدي إلى فساد ذات البين مما يكون سببا في ضعف الأمة ووهن دينها ودنياها، فلا يوجد دين على وجه الأرض دعا إلى الأخوة التي يتجسد فيها الاتحاد والتضامن والتساند والتآلف والتعاون والتكاتف، وحذر من التفرق والاختلاف والتعادي مثل الإسلام في هديه وشرائعه وقرآنه وسننه، فالاتحاد عصمة من الهلكة، فالفرد وحده يمكن أن يضيع ويمكن أن يسقط ويفترسه شياطين الإنس والجن، ولكنه في الجماعة محمي بها كالشاة في وسط القطيع، لا يجترئ الذئب أن يهجم عليها فهي محمية بالقطيع كله، إنما يلتهمها الذئب حين تشرد عن جماعتها وتنفرد بنفسها، فيجد فيها ضالته ويعمل فيها أنيابه ويأكلها فريسة سهلة، فدور المسلم في مجابهة هذا الواقع المؤلم يكون دورا فعالا ومؤثرا عندما يصل المسلم إلى الفهم الواضح لأهمية دوره، الذي ينبغي أن يكون ايجابيا في إحداث التغيير في المجتمع، وهو ما يوجبه الإسلام على المسلم من مسؤولية تجاه مجتمعه، من إخلاص في العمل ومحبة ومودة، يحرص على نفع بلده ووطنه فيقوى به المجتمع ويحس بآلام مجتمعه ويحرص على نفعه ويتضامن مع المسلمين ويتعاهدهم بالرفق واللين، ويبتعد عن كل أسباب الفرقة والاختلاف، ويحرص على ما ينفعه وينفع أمته، وما كان إلا الإسلام وحده يجمع هذه القلوب المتنافرة وما كان إلا حبل الله الذي يعتصم به الجميع.