15 سبتمبر 2025
تسجيلحينما يقال بأننا في عصر (الدول الكرتونية) فيجب أن نصدق هذه المقولة، لأن هناك فعلاً من يصح عليه هذا الوصف اليوم، وتحديداً مصر في عهد الانقلاب، التي تحولت من هامة وقوة كانت تمثل تهديداً لعدوة العرب والمسلمين (إسرائيل)، إلى مجرد نظام فاشل يناطح ميكروفونات قنوات تلفزيونية، تنقل حقيقة مصر المؤلمة اليوم، والأدهى من ذلك أن يعد داعمو الإنقلاب هذه المناطحة انتصاراً، تكتب فيه قصائد الغزل والمديح!.. ففي موقف سخر منه رواد التواصل الاجتماعي من الساسة والمثقفين والعامة، أقدمَ وزير خارجية الانقلاب سامح شكري في مصر، على إلقاء ميكروفون قناة الجزيرة في المؤتمر الصحفي، الذي أعقب فشل مباحثاته العقيمة حول أزمة سد النهضة في الخرطوم صارخاً: (شيلو الميكروفون ده من قدامي)، مسبباً سخطاً بين الصحفيين الذين كانوا في قاعة المؤتمر الصحفي، الذين وصف بعضهم ما فعله سامح شكري على أنه فعل (أرعن) لا يقوم به من يمثل خارجية دولة مثل مصر! .. ورغم أن الجميع يعرف بموقفي الثابت من نظام السيسي وعصابته، إلا أنني حاولت أن أدرس موقف شكري المضحك بنظرة محايدة، وبرز أمامي سؤال كبير هو: (هل يعقل أن تنعكس آثار الفشل التي حظيت بها مباحثات شكري مع نظيره الأثيوبي، حول سد النهضة على مجرد ميكروفون إخباري، يحمل شعار قناة الجزيرة)؟!.. وإذا كان هناك عداء محتدم ضد الجزيرة لموقف يراه الانقلاب على أنه ضد سياسة نظامه، لكن كان يجب أن يتصرف شكري بما يليق بمنصبه، الذي أثبت بتصرفه هذا أن (كرتونية حكومته الهشة) تتهاوى أمام كلمة غير ناطقة، يمثلها ميكروفون الجزيرة، وأن الأخيرة أقوى في صمتها عن حديثها الذي جعل من الانقلاب وداعميه، أوعية لأدوية الضغط والأعصاب، وأن من أثنى على تصرفه هذا قد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن انتصارات مصر باتت في مناطحة الجوامد، ومطارحة مكبرات الصوت، على أساس أن الجزيرة بفعل شكري هذا قد خرجت بفاصل إعلاني، درءاً للإحراج الذي سببه لها وزير خارجية الانقلاب المصري، أو أن كاميراتها التي رصدت هذا الفعل الطفولي منه لم تغنِ عن ألف كلمة واهية، كان سينطق بها ويلوث مسامات الميكروفون الذي نأى بنفسه عن ترهات الوزير المقهور من الجانب الأثيوبي، الذي يصر على استمرار بناء السد دون توقف، أو الرجوع للجانب المصري المهمش في القضية برمتها! من المؤسف فعلاً أنه بعد عقود من الزمان وقفت مصر بثقلها الجغرافي والسياسي، رغم حكم العسكر الذي أثقلها منذ ما يزيد على 60 سنة، الحائط العربي الذي يركن إليه جميع العرب في أفراحهم وأتراحهم، نجدها اليوم تبحث عن حائط يسندها ويتحكم بترنحها السياسي، الذي يقف وراءه زلازل اقتصادية تعلن البورصة المصرية كل يوم تراجعها المخيف فيها، وفي المقابل يصر الانقلاب الحاكم على أن الأمور الداخلية للبلاد، في تطور وازدهار، وأن كل ما تروج له قنوات وإعلام المعارضة، هو محض خيال وافتراءات، بينما واقع المواطن المصري يؤكد أن مناطحة حكومة الانقلاب مع ميكروفون الجزيرة، إنما هي مثل المصارعة مع الظل.. وإن غدا تحطيم شكري لمايك الجزيرة، موقعة فإن تكسيره غداً لكاميرا القناة ملحمة!(ابقه ماتنسوش في وقتها المانشيت العسكري)! فاصلة أخيرة:مصر.. بربك عودي !