29 أكتوبر 2025
تسجيلإدارة محاور الأزمة الداخلية في العراق قد وصلت لمرحلة حرجة، مع تعقد الأوضاع الداخلية، ودخول عمليات التطهير الطائفي في العراق في واحدة من أعمق مراحلها التي تقتضي حشدا ووحدة مواقف ليس من السهل تجميعها في هذه الظروف الصعبة والمعقدة التي يمر بها العراق وهو يعيش أوضاع التآكل الداخلي، بعد أن دخلت قضية الإصلاحات في نفق مظلم، وتحولت المطالبات الجماهيرية الشعبية بالإصلاح والتغيير لنكتة سوداء في تاريخ الكفاح الشعبي العراقي. لقد جاء حيدر العبادي لرئاسة الحكومة العراقية لامتصاص أزمة غضب الشارع العراقي بعد أن أدخلت حكومة سلفه وقائده في حزب الدعوة الطائفي العميل نوري المالكي العراق في أعنف أزمة وجودية تكللت بالفشل وتدمير البلاد داخليا وإدخالها في أتون حرب أهلية طائفية مدمرة تكرست مع تمدد تنظيم الدولة واقتطاعها لأجزاء مهمة من غرب وشمال العراق، ثم جاءت الكارثة مع تشكيل قوات الحشد الشعبي الطائفي وقيامها بعمليات تطهير طائفية أشرفت على محاورها وأجنداتها قيادة الحرس الثوري الإيراني التي تحرص اليوم على الإسراع في تنفيذ الطموحات الإيرانية بتشكيل قوات الحرس الثوري في العراق وسوريا، لذلك لم يكن غريبا أبداً تصريح القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري المثير والداعي لإلغاء الحدود بين إيران والعراق وسوريا ولبنان كإعلان واضح وصريح عن إقامة دولة وإمبراطورية الولي الإيراني الفقيه كأمر واقع!!، وقيادة حيدر العبادي للعراق في ظل تعملق قادة الميليشيات الإيرانية من العراقيين، هي قيادة مرحلية مؤقتة!!، فضعف شخصية العبادي ودوره الصغير جدا والهامشي في حزب الدعوة ووصوله لقيادة العراق كان مجرد مصادفة تاريخية سيئة، تماما كحال سلفه البائس نوري المالكي الذي كان يتمنى منصب مدير عام قبل عودته من ريف دمشق ليتحول بفعل الصدفة التاريخية لأسوأ دكتاتور فاشل في تاريخ العراق العامر بالمصائب والإنتكاسات. حيدر العبادي هو في البداية والنهاية أسير حقيقي للميليشيات الطائفية التي تتحكم به، ولا يمتلك من مواصفات رجل الدولة حدودها الدنيا، وصمته المفزع عن انتهاكات الميليشيات وجرائمها في مدن غربي العراق وشماله قد حوله لمتواطئ معها بشكل مفضوح، أما موقفه الركيك بل المنعدم من الدخول والاجتياح المليوني الإيراني والأفغاني للعراق فقد كان تكريسا لحالة الفشل والتقاعس الكارثية المميزة لسلطته المعتمدة على أسلوب التلاعب بالوقت والمراوغة والتملص.لقد انتفض العبادي وصعد مواقفه الهجومية الرثة ضد مجموعة التدريب الاستشارية العسكرية التركية المتمركزة حول الموصل واعتبر وجودها احتلالا، رغم أنه جاء بتنسيق واتفاق مع الجانب التركي وبعلمه شخصيا، إلا أنه انساق انسياقا رثا خلف التهديدات الميليشياوية التي تعتبر الوجود التركي العسكري عائقا لها يمنعها من استكمال عملية التطهير الطائفي ومتابعة حالة فرض التغيير الديموغرافي!!، لذلك رفع العبادي شكوى عراقية بائسة ضد تركيا لمجلس الأمن الدولي، فيما غض الطرف تماما عما تفعله إيران وجماعتها في العراق من خرق للسيادة الوطنية العراقية التي أضحت هشيما أمام النفوذ الإيراني المتصاعد. والمثير للسخرية أن حيدر العبادي قد ارتدى بزة الحرب الميليشياوية وهو يهدد الأتراك، في خطوة هزلية تعبر عن فشل قيمي وقيادي مثير للأسى. فهل يستطيع العبادي المستسلم تماما حتى العمق للنظام الإيراني من مناطحة الجدار التركي الذي يمثل الجناح الجنوبي لحلف الناتو؟!!. حيدر العبادي يمارس رقصة الحرب وهو غير قادر على أداء استحقاقاتها، فيما قادة الميليشيات كالإرهابي الحرسي هادي العامري أحد أتباع قاسم سليماني في العراق يصرخ ويتوعد ويهدد بحرق الدبابات التركية كما قال وتعهد، رغم أنه لم يصل للسلطة إلا عبر الدبابات الأمريكية التي فرشت له طريقها العامر بالامتيازات والورود والفخفخة والمال والسلطة. جبال هائلة من النفاق السلطوي هو ما يدور حاليا، وصيحات حرب مدوية يطلقها فاشلون في ممارسة الحرب والسلام ولا يتقنون سوى إعادة تدوير الفشل وتخريب المخرب... العراق يقف اليوم أمام مرحلة فاصلة في تاريخه يتوقف عليها وجوده المستقبلي ووحدة شعبه، فميليشيات إيران تحاول فرض واقع شعبي وطائفي جديد وتفتعل المشاكل من أجل استمرارها في ممارسة عمليات التطهير العرقي المفضوح، ورئيس الحكومة ووزارة خارجيته التعبانة حتى الإفلاس يكذب على نفسه وعلى العالم ويمارس دورا فظيعا هو الأخطر في تدمير العراق.. أيام ومتغيرات حاسمة تواجه العراق خلال الفترة الساخنة القادمة، ورقصات حرب العبادي وصيحاته ليست سوى تغطية على واقع انهزامي مفلس وبائس.. للأسف!.