11 سبتمبر 2025

تسجيل

انقلاب العسكر يترنح

14 ديسمبر 2014

منذ الانقلاب وحتى الآن وأنا اكتب ضد الطغمة العسكرية الحاكمة في مصر، وهي طغمة فاسدة دمرت البلد وأهلكت الحرث والنسل، ووضعت بلدا بأكمله على حافة الهاوية، وهو موقف لن أتراجع أو أتخلى عنه أبدا، فإسقاط الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال عبد الفتاح السيسي يعتبر مفتاح التغيير في المنطقة، ولا يمكن إطلاقا إحداث أي تغيير في سوريا والعراق وليبيا واليمن وفلسطين إلا عندما يتغير نظام الحكم العسكري وإنهاء سيطرة الجيش على الحياة السياسية في مصر، بل لا أبالغ إذا قلت إن تحرير فلسطين وتحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك من أيدي العدو الإسرائيلي لن يتم ما دامت الطغمة العسكرية تجثم على صدر مصر والأمة العربية كلها، ولهذا فإن إسقاط الانقلاب العسكري وإنهاء حكم العسكر في مصر مقدم على تحرير المسجد الأقصى المبارك، لأن تحرير الأقصى مرتبط بفك التحالفات العربية التي تدعم الكيان الإسرائيلي وعلى رأسها بالطبع نظام السيسي العسكري، ومن هنا فإن إسقاط السيسي وجنرالاته أولوية وضرورة وشرط لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى، وهذا بالضبط ما قام به القائد الإسلامي العظيم صلاح الدين الأيوبي، الذي حرر مصر من الحكم الفاسد الذي تحالف مع الصليبيين وبعد ذلك تحول لتحرير القدس من الاحتلال الأوروبي الصليبي وهو ما تحقق له بالفعل.لا شك أن نظام السيسي العسكري الانقلابي يترنح، ولكن هذا لا يعني سقوطه، فشد الحبل تحت أقدام الطغمة الحاكمة لا يعني بالضرورة إسقاطها، لأن الطغمة العسكرية تتشبث بالسلطة حتى الموت، ولديها استعداد لارتكاب جرائم ومجازر بلا حدود، بل وتدمير البلد كله في سبيل الاحتفاظ بالحكم، فخلال 18 شهرا من عمر الانقلاب الأسود قتل ما يزيد على 6000 مصري واعتقل 42 ألف إنسان وحكم على أكثر من 1400 بريء معارض للانقلاب بالإعدام، إضافة إلى التعذيب الممنهج في السجون والطرد من الوظائف والتضييق على الناس، وإشاعة الخوف والرهبة والرعب في قلوب الآمنين، وهو ما أقرته تقارير جميع المنظمات الدولية المحايدة التي اعتبرت حكم السيسي الأسوأ في تاريخ مصر واعتبرته منظمات حقوقية مرموقة بأنها "الحقبة الأكثر سوادا" والأكثر دموية وعنفا وبطشا.لا يمكن لأي نظام عسكري انقلابي أن يستمر في الحكم وهو يجلس فوق عرش من الجماجم وبحر من الدماء، كما هو حال نظام السيسي الانقلابي، وهو نظام ساقط لا محالة طال الزمن أو قصر، لأن الغرق في العنف والدم والدكتاتورية يثير ردود فعل لا تقل عنفا عن عنف العسكر، وهو ما دفع بعض المؤيدين لهذا النظام الأسود إلى التخلي عنه وانتقاده بل ومعارضته أحيانا، مما جعل العسكر ينقضون على هؤلاء "الحلفاء السابقين" ويودعونهم في السجون والمعتقلات.منظومة الانقلاب في مصر تتفكك، رغم تسخير آلة إعلامية ضخمة لصالحه، وتسخير القضاء كأداة من أدوات البطش بالمعارضين للانقلاب، وهو تفكيك يستشعره "الأذكياء" ممن دعموا الانقلاب وخططوا له وأيدوه ونظروا له، ولا شك أن توقف الدعم المالي الخليجي بسبب انهيار أسعار النفط، ربما ينزع "المسامير" الذي يثبت له نظام الطغمة العسكرية الانقلابية نفسه، فالاقتصاد يتهاوى وسعر الجنيه يتراجع والاحتياطي ينقص، والوضع الاقتصادي يتدهور، والأسعار ترتفع والخدمات تنهار، وباتت مصر الدولة الخامسة المهددة بالإفلاس على قائمة بعض المنظمات الاقتصادية الدولية.الانقلاب في أزمة كبيرة، وهي أزمة طاحنة ستدفع الطغمة العسكرية الحاكمة إلى استخدام المزيد من العنف ضد الشعب، وهو عنف سيثر المزيد من النقمة ضد أناس يرفضون الدخول في "قن الطاعة".