12 سبتمبر 2025

تسجيل

التفكيك المنهجي للقضية الفلسطينية

14 نوفمبر 2014

يحرص رئيس سلطة رام الله محمود عباس على الاستمرار في التفكيك المنهجي للقضية الفلسطينية، في لعبة باتت مكشوفة على الملأ، ولا تخفى إلا على عميان البصر والبصيرة، فهو يتلاعب بالألفاظ والمواقف في عملية تسويفية تقوم على مبدأ المماطلة والتأجيل والتأزيم. وربما كانت الحلقة الأخيرة من ألاعيب عباس ميرزا واضحة للعيان، باتهامه حركة المقاومة الإسلامية حماس بتفجير قنابل أمام منازل 15 قياديا من حركة فتح في قطاع غزة، وهو عمل مدان ومرفوض جملة وتفصيلا، والتهديد بوقف المصالحة غير الموجودة أصلا على الأرض بين سلطة رام الله وحماس.اتهامات أبو مازن لحماس لا طعم لها ولا لون ولا رائحة، فهي تفتقر للمصداقية، لأن حماس لم تلجأ لمثل هذه التصرفات حتى عندما وصلت الأزمة بين الطرفين إلى ذروتها، ولم تعمد لا إلى التفجير ولا الاغتيال ولا غير ذلك من الأساليب التي تتقنها جيدا سلطة عباس، ثم إن السؤال الكبير هو: لماذا تلجأ حماس وهي تتمتع بالسلطة المطلقة في قطاع غزة على مثل هذه الأعمال البدائية في استهداف المعارضين وقد كان بمقدورها أن تعتقلهم الواحد تلو الآخر جهارا نهارا دون خوف أو وجل؟ ولماذا تلجأ حماس إلى تفجير منازل قيادات تتشارك معهم يوميا الأفراح والأتراح والاجتماعات؟ فمثل هذه العلاقة تجعل من الصعوبة بمكان أن تفعل ذلك.إذن من هو المستفيد من التفجيرات البدائية؟ المستفيد الأول والأخير هو محمود عباس ميرزا نفسه ولا أحد آخر، وحسب ما تسرب من مصادر قريبة من حركة فتح فإن عباس يخشى من منافسة القيادي الفتحاوي محمد دحلان الذي يحظى بدعم كامل من الإمارات وبدعم غير محدد الملامح من النظام الانقلابي في مصر، خاصة في موطنه الأصلي غزة وقد سربت مصادر قريبة من فتح عن عباس طلب إلغاء مهرجان لإحياء ذكرى وفاة ياسر عرفات الذي كان مقرراً في قطاع غزة بعد أن تلقى تقريرا يفيد نوايا مناصري دحلان بالسيطرة على المهرجان، وتحويله إلى استفتاء داخلي بين الرجلين.. وأن مناصري دحلان قاموا بطباعة مليون صورة لأبو عمار مع دحلان، كان سيتم رفعها في المهرجان وحجزوا جميع باصات غزة ووزعوا مبالغ مالية على الفتحاويين المحسوبين على دحلان للمشاركة في المهرجان، وأنّ أنصار دحلان، جهزوا أنفسهم جيداً لهذا اليوم لإظهار نفوذهم الداخلي على الحركة في القطاع.بعد ذلك جاءت التفجيرات لتشكل "تخريجة" من أجل إلغاء المهرجان الذي كان دحلان يخطط لاستعراض قوته، وإرسال رسالة إلى عباس أن حركة فتح في قطاع غزة تدين له، وأنه يملك العدد الأكبر من المناصرين.اللعبة مكشوفة، فالتفجيرات التي جرت كانت هزلية ومجرد "مفرقعات عبثية" هدفها إيصال الرسائل وليس القتل، واستثمارها من أجل التهرب من الاستحقاقات التي يجب أن يقدمها عباس لقطاع غزة، والبدء بإعادة الإعمار، والمضي قدما من أجل تنظيم الانتخابات ومعالجة الملفات التي تسمم العلاقة بين سلطة رام الله وغزة، وهو ما لا يريده عباس.