11 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا يزال العبثُ والتخندق السلبي هو الطاغي سياسيًا على ملف الأزمة السورية، ففي الأسابيع الأخيرة استقر في الوعيّ الدولي أن فرص إيجاد حل سياسي مقبول في سوريا قد تبخرت بالفعل على نيران الخلافات الأمريكية الروسية، الأمر الذي تجلى بأبشع صوره عندما ضربت روسيا بعرض الحائط إرادةَ المجتمع الدولي باستخدامها حق النقض الفيتو في مجلس الأمن وصعّدت في الوقت ذاته حملتها في حلب ولم تعد تكترث كثيرًا لتهم جرائم الحرب التي ترتكبها في سوريا. وفي سياق متصل، كثرت التكهنات بأن الرئيس أوباما سيوافق أخيرًا على لجم قوات النظام السوري باستهدافها عسكريا، ومع ذلك فإن حلب يتم تدميرها بشكلٍ ممنهج وفي الوقت ذاته نسمع من المجتمع الدولي والغرب تحديدًا جعجعةً لكننا لا نرى طحينًا. وفي خضم هذا العجز الدولي أمام الاستهتار الروسي (غير المكلف روسيا) تحركت السعودية وقطر في مبادرة دولية وقعت عليها ستون دولة لوقف الحرب في حلب، فالعالم لم يعد مقتنعًا بأن روسيا جادة في حل سلمي ولم يعد بإمكانه أن يغض الطرف عن استخدام روسيا مقاربة ضرورة محاربة الإرهاب كبوابة للإشراف على التطهير الطائفي الذي يجري على قدمٍ وساق في سوريا وما يستلزمُ ذلك من شتى أنواع جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الأسد والميليشيات المتحالفة معه بالإضافة إلى الروس طبعًا.ومن دون الدخول في تفاصيل المشهد القاتم الذي يلف حلب، فإننا ندرك أن حراك العرب على أهميته لن يكون كافيا إلا إذا كشفت أمريكا عن أسنانها في مواجهة التنمر الروسي، وهي قادرة على فعل ذلك رغم المبالغات في قدرة روسيا على المواجهة مع الولايات المتحدة، فقوة روسيا مرتبطة بضعف إدارة أوباما وليس بقدراتها الذاتية. ولا يعقل أن يستمر أوباما في دس رأسه في الرمال في حين يستخدم بوتين حربه الرخيصة على شعب أعزل للإعلان عن عودة روسيا كقوة عظمى، فكلام أوباما عن روسيا بأنها قوة إقليمية ولا ترقى لأن تكون قوة عظمى لا يبرر سكوت أمريكا المريب بل ومنعها لحلفائها في الإقليم من التدخل لرفع كلفة التدخل الروسي الوحشي.من المبكر الحكم على لقاء لوزان الذي سيعقد يوم غد السبت وإمكانية نجاحه في إيجاد تسوية سلمية، لكن التجربة تفيد أن كل اللقاءات التي يُعلن فيها عن تفاهمات تنتهي بارتكاب روسيا مجازر، فروسيا تضلل العالم بأنها معنية بحل سلمي في حين أن واقع الحال يشير إلى ضربها (مع سبق الإصرار والترصد) لكل محاولة يمكن أن تفضي إلى حل سياسي. المفارقة أن لافروف أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الإيراني للتنسيق، وأكد الجانبان ضرورة إيجاد حل سلمي على أساس التوافق المشترك بين المكونات العرقية والطائفية والسياسية في سوريا في وقت تعمل إيران (وبحماية روسية) على تفعيل خطة محكمة للتطهير العرقي وإحلال جماعات شيعية من إيران وغيرها في مناطق للسنة، فأي تناقض هذا بل وأي تضليل هذا!حراك اللحظة الأخيرة الذي وافق عليه الكرملين له ما يبرره، فما أن أعلن عن نية إدارة أوباما بمهاجمة القوات السورية حتى دب الخوف في أوصال الكرملين، فهجوم أمريكي يعني تحديًا كبيرًا لهيبة موسكو وتبجحها بأن أسلحتها قادرة على الدفاع عن "أصولها"، وهو أمر مفهوم في غياب أي تهديد حقيقي لها في سوريا، غير أن هجومًا أمريكيًا سيعني إما صمتا روسيا وهي ما يضعفها، أو ردًا عسكريا وهو أمر لا تقوى عليه موسكو نظرا لفارق القدرات وللفجوة التكنولوجية بين أمريكا وروسيا. لهذا السبب يناور بوتين لعله يفلح في خلق انطباع إيجابي من شأنه أن يساعد أوباما المتردد على الانتصار على أوباما المتأهب. فروسيا لن تتراجع عن موقفها في سوريا إلا في إطار معادلة الكلفة والخسارة، عندها فقط سيتحول بوتين إلى لاعب عقلاني يأخذ بالحسبان الكلف الكبيرة المترتبة على مغامرته في سوريا. والعبث في هذه المعادلة في يد الولايات المتحدة إن أرادت.اللافت أن رهان الرئيس بوتين لا يزال مستندًا إلى فكرة أن أوباما لم يتحرك عسكريا طيلة المدة السابقة، وبالتالي من غير الممكن أن يقدم على ضرب سوريا وهو في مرحلة البطة العرجاء، لذلك ازداد تنمرا وإصرارا على حسم الأمور على الأرض قبل أن يأتي رئيس جديد. فالرئيس أوباما المهووس بما يسميه بـ"تركة أوباما" أخفق في فهم أن الدبلوماسية لا تنجح إلا إذا كانت مدعومة بالقوة والتلويح باستخدامها إن لزم الأمر، ولعل أوباما فقد الفرصة في الحادي والعشرين من أغسطس 2013، الأمر الذي التقطه بوتين جيدا.