12 سبتمبر 2025
تسجيللم يكن يغيظني في أوروبا سوى فردة الحلق التي يضعها (الرجل) في أذنه وأنا أتأمل أحدهم وأقول في سرّي: لحقونا حتى على الحُليّ، لكنهم مازالوا يدركون، في أعماقهم أن هذه ليست سوى حالة استراق غير مشروعة وإلاّ لسمحوا لأنفسهم بوضع الفردتين كما تفعل النساء. وعلى الطرف الآخر من الرؤية البلهاء التي تُصيب المرء وهو يُعاين بلداً وثقافة وعمارة مغايرة تماماً لما ألِفَ.. أجد النساء وقد انتقمن لاغتصاب حُليهن بما لا يخطر على بال الرجال الصناديد وذلك بحلق نصف رؤوسهن وهذا ما يتوازى مع فردة حلق واحدة وانتزاع جزء من سماتٍ ليست تاريخيا لهن ولا تتناسب طردا لا مع الجدائل ولا مع انسدال الشعر الغويّ. أنا الآن في الحقيقة أحاول فلسفة الأشياء واكتناه عمقها.إذ ربما الأمر ليس بما أراه وبما يحسبه مخزوني الشعبي على رؤية وانسدال شال الحياة على الآخرين ولا بتصفية حسابات قديمة بل بمقاربة بسيطة هكذا لحالةِ ترفٍ تصلها الشعوب بعد اقتتال واحتراب فتنزع النفس إلى جماليات بديهية لا علاقة لها بحالة «جندرية» ركمها المجتمع وراح إلى أقفال سجونه يحصي ويحصي سجناءه المظلومين والظالمين معاً. لكنك كشرقي أو عربي قد تشرّب جلدك ملح أمك التي لفّتك به وليداً لا تستطيع الانفكاك من جماليات روحك وإرثك مع قهوة صباحك وصلاتك. فتشتاق لمنقوشة الزعتر وطعم الخضرة المختلف وجرزة النعناع وتشتهي وأنت تسير بين البيوت لو أحدهم يدعوك إلى فنجان قهوة خاصة عندما تلحظ مكتبته مكتظة بالكتب وظاهرةً من الشبابيك الطويلة الملتصقة بالأرض والسماء، وتتخيل كم امتص روحها وتركها واجمة بعد أن وضع عليها قبلة الوداع وراح يرنو إلى بدائل لا تُشبع روحه النهمة وكيف أخذ منها خلاصة ما يبدو عليه من سلوك واحترام لقوانين الطبيعة وقوانين الزمن والحياة. ياه.. لو أننا نثق قليلا بما نملك!!