10 سبتمبر 2025
تسجيلأتساءل والوجع يسكنني: هل ثمة بهجة مرتقبة في أيام عيد الأضحى المبارك والذي ستشرق شمسه على الأمة غدا بإذنه تعالى؟ بالتأكيد البهجة مطلوبة وملحة بيد أنه كيف يمكن الوصول إليها وكل الطرق التي ينبغي سلوكها لمعانقتها تكاد تكون مغلقة الأمة غدت مستغرقة في دوامات العنف والانقسام والاقتتال من أجل السلطة ولمن يكون عرش البلاد والأنفس زاخرة بكل أنواع الكراهية والرغبة في إقصاء الآخر بل واستئصاله من الوجود عندما يشاهد المرء نشرة أخبار في تلفاز أو محطة راديو أو يتابع المواقع الإخبارية والصحف السيارة لا يجد جذوة الدماء مشتعلة إلا في أمتنا بشقيها العربي والإسلامي ولا يعثر على التناحر السياسي والديني والمذهبي والطائفي متغلغلا إلا فيها صارت أمة منقسمة لا تجيد توظيف المبادئ التي كرسها القرآن الكريم بدعوته لشعوبها بالتعارف والتعاضد والاعتصام ورفض الفرقة ونبذ الاقتتال بين طوائفها. في سوريا بوابة الدم ليس بوسع أحد امتلاك القدرة على إغلاقها من فرط تمسك حاكمها بشار بالسلطة ورفضه الانحياز لشعبه وخيارات الديمقراطية والحرية والعدالة مستندا إلى منظومة أمنية شديدة الوطأة وإلى مناخ إقليمي بل ودولي يعاند رغبة الشعب في التغيير فكيف يمد يده للبهجة في العيد في ليبيا بلغ الأمر حد اختطاف رئيس الوزراء في ظل غياب هيبة الدولة والتي بات دمها موزعا على قبائل من يسموا بالثوار والذين أجهضوا هذه الهيبة وصاروا يفرضون سلطتهم الواقعية ومسلسل العنف يتواصل بقوة والشعب محاصر فكيف يبتهج؟ وفي مصر حدث ولا حرج الدماء سيالة والجماعة لا تريد حلا سوى بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي وعودة ما تطلق عليه الشرعية الدستورية وعناصرها مصرة على مواصلة التظاهر ووقف حال البلاد والعباد من خلال التأثير على الواقع الاقتصادي وعلى حركة المرور في شوارع القاهرة والتي باتت من الصعوبة بمكان وشخصيا أكابد تداعياتها يوميا دون أن تدرك قياداتها التي تحرك هذه المظاهرات أنها تفقدها الكثير من رصيدها الشعبي وفي الوقت نفسه فإن السلطة الانتقالية تواصل اعتقال قيادات وكوادر الجماعة وأخيرا أعلنت عن حلها وإقصائها من ملفات الجمعيات الأهلية وهي خطوات من الجانبين لا تقود إلى المصالحة المنشودة وستؤدي إلى إجهاض مبادرة يقودها المفكر الإسلامي الدكتور أحمد كمال أبو المجد والذي يتطلع إلى انعتاق الطرفين من أسر مواقفهما المسبقة وفي تقديري فإن مثل هذه المبادرة من شأنها أن تفتح الباب أمام حل سياسي يضع في الاعتبار مصلحة الوطن لا مصلحة الجماعة وهو ما يتطلب من قياداتها سواء داخل السجون أو خارجها أن تتخلص مما يمكن وصفه بعقدة مرسي فهو لم يعد رقما مهما في معادلة الحل السياسي ومن الأفضل تجاوزه والانخراط في مسار جديد يقود إلى إعادة هيكلة الجماعة وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة على الصعيدين السياسي والفكري على نحو يجردها من أخطاء الماضي وفي صدارتها فشلها في الحكم مما هيأ الأجواء لإقصائها عن السلطة سواء على مستوى رئاسة الجمهورية أو المستوى التنفيذي أو المستوى البرلماني. وأحسب أن أهم خطيئة ارتكبتها الجماعة وحزبها ورئيسها الذي لم يكرس وضعه كرئيس لكل المصريين هو تمسكها بما يسمى بمشروع التمكين والذي منحته الأولوية على ما عداه دون أن تتمكن من إحداث مقاربة حقيقية مع أشواق شعب المحروسة وهو ما تجلى في محاولة تفتيت الدولة المصرية وفقا لتعبير الدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة في لقائه مع أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب وكان ذلك قبل سقوط مرسي بثلاثة أشهر وتجسدت هذه المحاولة في تصعيد العناصر التي تنتمي إلى الجماعة إلى مختلف مؤسسات الدولة دون الانتباه إلى ما يمتلكه من قدرات ومهارات وكفاءة كان المعيار فقط لمن يصعد هو الانتماء إلى الجماعة فعلى سبيل المثال لا الحصر كيف يمكن اختيار وزير للاستثمار من خريجي كلية الألسن ولم يعمل في هذا القطاع قط وكل خبرته أنه كان يعمل بمجال التسويق بإحدى شركات الاتصالات. استطردت كثيرا في الحالة المصرية لكنها لا تبعث على البهجة فقد أدى تفاقم الأزمة فيها إلى نوع من الركود الاقتصادي خاصة مع ارتفاع الأسعار والذي بدأت موجته في الارتفاع مع صعود الجماعة إلى السلطة والتي لم ترسل أي إشارات إيجابية للشعب وتركته نهبا لشراهة التجار وما زال يدفع الثمن لاسيَّما أن أكثر من %40 منه ما زالوا تحت خط الفقر ويكابدون معاناة شديدة الصعوبة تشاهد ملامحها على وجوه الناس الذين ضاقت بهم السبل وحتى حكومة الدكتور حازم الببلاوي لم تفعل الكثير من أجل تهدئة الأوضاع المتفاقمة ما زالت في مرحلة البحث وبلورة التصورات ويبدو أنها مكبلة بكونها حكومة انتقالية فضلا عن تركيز جهودها على متابعة الحالة الأمنية غير أن ذلك لا يمنعها على الإطلاق من أن تطل بفعالية وكفاءة على معضلات المواطنين وتتخذ من القرارات ما يقود إلى التغلب عليها أو على الأقل فتح نافذة أمل أمامهم. في العراق وما أدراك ما العراق العنف يتصاعد والقتلى يتزايدون على الهوية شيعي أم سني وذلك سيكون سر تدمير هذا البلد العربي إن لم تنتبه النخب السياسية سواء التي تقيم في خانة السلطة أو التي تسكن خيام المعارضة فضلا عن ذلك هناك الاعتصامات في غرب البلاد وهناك الحكومة التي لم تتفاعل على نحو شديد الإيجابية مع مطالب المشاركين فيها ورغم أنها شكلت لجنة لبحث هذه المطالب لكن يبدو أن ما حققته لم يطلق الأمل أمام المعتصمين لينفضوا فهل يبعث ذلك على البهجة في العيد؟ وفي اليمن رغم أنه قدم أنموذجا في الحل السياسي لأزمته إلا أن الأمور لم تستقر بعد فالحوار الوطني ما زال يراوح مكانه من جراء تمسك بعض الأطراف بمواقفها المتعنتة خاصة من قبل ما يسمى بالحراك الجنوبي الذي يصر على العودة إلى خيار الانفصال وثمة وضعية أمنية مخيفة من فرط سيطرة تنظيم القاعدة على المشهد في أنحاء مختلفة بالبلاد ومكابدات الشعب اليومية تتفاقم. وفي تونس البلد الذي أطلق شرارة الثورة في الأمة الانقسامات تفرض سطوتها والحوار الوطني مع أنه بدأ قبل حوالي الأسبوع إلا أنه لم يتمكن من تضميد جراح الانقسام وثمة موجة متطرفة تسعى إلى فرض توجهاتها ونخبة سياسية ما زالت تتعامل وفق القواعد القديمة والنهضة تحاول أن تمسك بالدفة ولكن الأمواج عالية والعواصف عاتية فمن يدق ناقوس البهجة في العيد. السطر الأخير: أيا صانعة البهجة في فؤادي أعيديها لسيرتها الأولى امنحيها لبلادي