10 سبتمبر 2025

تسجيل

تسول المنافي البعيد..الحل عربي بالضرورة

14 سبتمبر 2015

مع التصاعد الخطير في إشكاليات اللاجئين السوريين, حيث بدا الأمر وكأن أشقاءنا يتسولون المنافي البعيدة، وحيث يرحب بعضها بهم, بينما بعضهم الآخر يتقاعس عن استقبالهم, إلى حد اللجوء إلى القوة لمنعهم من ولوج حدودها, وإبعادهم إلى حدود الدول المجاورة, غير ما دفعني للشعور بالغيرة بالأساس, قرار الاتحاد الأوربي باستقبال 160ألف لاجئ سوري وإعداده خريطة جغرافية للدول التي يتوزعون بمنافيها, ومبعث هذه الغيرة يكمن في أن الأشقاء السوريين ينتمون إلى الأمة العربية, حتى لو كان بعضهم ينتمي إلى أعراق أخرى, لكنها تعيش منذ آلاف السنوات بين ظهراني المحيط العربي, وبالتالي فإن الأمة هي الأولى بأبنائها وليس الآخرون, مما يستوجب أن تتدافع الدول العربية إلى استقبال هؤلاء اللاجئين واحتوائهم بين أهلهم ومعاملتهم معاملة مواطنيها من حيث توفير المأكل والمسكن والعلاج والتعليم وغير ذلك من المتطلبات الضرورية للحياة كل على قدر طاقته خاصة أن ثمة تجربة ثرية حققت نسبيا متمثلة فى استقبال كل من لبنان والأردن ومصر والجزائر ودول الخليج أعدادا لا بأس من هؤلاء اللاجئين، على الرغم من محدودية قدرات بعض هذه الدول مثل لبنان والأردن وكلاهما يواجه معضلات جمة في تلبية الحد الأدنى من احتياجات الأعداد المتزايدة من هؤلاء اللاجئين.وحتى لا يترك لاجئو الشعب السوري عرضة للابتزاز بكل أنواعه في أوربا, فإن النظام الإقليمي العربي بكل مكوناته بات مطالبا بالبحث جديا في تشكيل هيئة أو مفوضية تتولى معالجة ملفات ومعضلات اللاجئين العرب, وفي مقدمتهم في المرحلة الراهنة اللاجئين السوريين, الذين لم تعد المنافي سواء القريبة أو البعيدة قادرة على احتوائهم ولملمة جراحاتهم, وتوفير لقمة الخبز وحليب الأطفال وحبة علاج ضد الأمراض البسيطة, وإن لم يكن مثل هذا الاقتراح قد طرح على وزراء الخارجية العرب اجتماعاتهم التي عقدت بالقاهرة أمس ضمن الدورة الـ 144 لمجلس الجامعة العربية في سياق مناقشتهم لأزمة اللاجئين السوريين التي تصدرت جدول أعمالهم, فإن تسارع الأحداث المتعلقة بهذه الأزمة والتي باتت رقما مهما في أجندات الاجتماعات الإقليمية والدولية لغير الغرب يستدعي الإسراع بعقد اجتماع لوزراء الخارجية والداخلية والمسؤولين عن شئون الهجرة لوضع أسس معالجة شاملة لهذه الأزمة من خلال بلورة إلى أي عملية لنقل هذا المقترح للوجود حتى يتسنى لهذه الأمة أن تكون مبادرة بالفعل لاحتواء المعضلات والتداعيات السلبية التي تقع داخلها ولمواطنيها بمنأى عن التدخلات الأجنبية وإن كان لا يمكن استبعاد المساعدات الخارجية ضمن البعد الإنساني للعلاقات الدولية بشرط ألا يشكل ذلك ضغوطا على السياسات والقرارات الوطنية.ذلك لا يعني, أنني من مؤيدي موجة الانتقاد التي تعرض لها العرب في الآونة الأخيرة من بعض الدوائر العالمية, بسبب ما وصف أنه تقصير عربي في معالجة معضلة اللاجئين السوريين, ولكن الحقيقة تقتضي القول: إنه ليس هناك تقصير عربي, بقدر ما إن هناك ضيقا في أفق الرعاية العربية لهؤلاء اللاجئين, لأسباب يتعلق بعضها بمحدودية الإمكانات المالية والاقتصادية والخدمية أيضا, وبعضها يتصل بمخاوف وهواجس أمنية, على نحو يخشى معه, من تسلل عناصر متطرفة من بين هؤلاء اللاجئين, عند السماح بدخولهم أراضي هذه الدولة العربية أو تلك, ولعل أنموذج لبنان هو الأكثر وضوحا في هذا الصدد, حيث تسللت أعداد من المنتمين لتنظيمي داعش والنصرة إلى أراضيه, أسهموا بشكل أو بآخر في اشتعال معارك, أدى دخول ميليشيا حزب الله على خط الأزمة السورية انحيازا للنظام, إلى إضفاء بعد طائفي ومذهبي على الأزمة.ومع ذلك, يمكن التأكيد أنه بمقدور الدول العربية أن تقدم الحل الناجع, والمطلوب بإلحاح لأزمة لاجئي سوريا, مثلما فعلوا مع لاجئي فلسطين, على الرغم من أنه لم تتشكل هيئة أو مفوضية عربية لمتابعة أحوالهم, ربما اكتفاء بالأونروا التي شكلتها الأمم المتحدة لرعايتهم, سواء في فلسطين المحتلة أو دول الجوار والتي تعاني من أزمات متلاحقة في ميزانيتها السنوية, إلى حد لجوئها إلى جمع التبرعات لسد بعض جوانب النقص, وإن بدا أنه من الصعوبة بمكان تشكيل مفوضية عربية لرعاية لاجئي سوريا - وهو ما يستحقونه بعد أن وصلت أعدادهم إلى حوالي 13مليون شخص سبعة في الخارج وستة ملايين نازح بالداخل, مما يعد أكبر مأساة إنسانية في التاريخ المعاصر, فإنه بوسع اجتماع وزاري عربي أن يحدد خارطة طريق لكل دولة قادرة, لاستيعاب أعداد من هؤلاء اللاجئين, وفق قدرة وطاقة كل دولة سواء الاقتصادية والمالية, وأيضا من حيث توافر الخدمات الحياتية المتعددة.بالطبع، تلك خطوات مطلوبة جنبا إلى جنب التحرك العربي لحسم الأزمة السورية على الأرض بالذات على صعيد بلورة أطر مقبولة لحل سياسي شامل مقبول من جميع أطراف الأزمة وفق لإسراع بحل سياسي شامل للأزمة, وبما يلبي تطلعات الشعب السوري بكافة فئاته وأطيافه, في ضوء محددات وثيقة "جنيف 1" الصادرة في نهاية يونيو 2012, والذي أكد البيان الأخير لمجلس الأمن خلال الشهر الماضي عليها, خاصة فيما يتعلق بتشكيل هيئة حكم انتقالية, من ممثلين للنظام السوري والمعارضة لفترة عامين, يتم خلالها الإعداد لدستور جديد يمهد لإجراء انتخابات عامة ورئاسية, مع استبعاد أي تدخل عسكري أجنبي والتركيز على جهود محاربة التنظيمات المتطرفة, التي سيطرت على أكثر من نصف مساحة سوريا في الأشهر الأخيرة, لاسيما أن المبعوث الأممي الخاص ستيفان دي ميستورا يسوق في المرحلة الراهنة خطة جديدة للحل مطروحة للنقاش مع مختلف الأطراف حاليا, وإن كانت في حاجة إلى إضافة حتى تلبي متطلبات قوى المعارضة التي يطلق عليها المعارضة المعتدلة التي لا تنأى بنفسها عن خندق التطرف.إن ما أشدد عليه, هو أن يكون العرب طرفا فاعلا وليس مفعولا به, طرفا قادرا على أخذ زمام المبادرة, وليس طرفا يترقب تدخل الآخرين في إنهاء وإيجاد حلول لأزماتهم الحادة, والتي للأسف ما زال العامل الخارجي هو المتحكم واللاعب الرئيسي فيها, مما يخضعها للمواءامات والتوازنات الدولية وربما الإقليمية, ومن ثم فإن لاجئي سوريا لا ينبغي أن يكونوا طرفا في لعبة, قد تدفع بهم إلى أتون المنافي ومن ثم الخضوع لمقتضيات مصالح وإستراتيجيات القوى الكبرى, التي ما زالت للأسف تراهن على نظام بشار الأسد, وبعضها مثل روسيا الاتحادية بلغ بها الأمر حد تقديم إسناد عسكري مباشر له, عبر إرسال أكثر من ألفي جندي, فضلا عن كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد العسكري, وهو ما يجعل بشار وزمرته الحاكمة متصلبين, في قبول الحلول السياسية المطروحة, إلى جانب استقوائه بالدعم الإيراني سواء المباشر من طهران أو من خلال أطرافها المذهبية في المنطقة العربية.