15 سبتمبر 2025

تسجيل

جيتارة "شارلوت"

14 أغسطس 2014

كنت أمشي بقرب "عين لندن" عندما سمعت صوتاً عذباً يجذبني إليه، حتى اقتربت ورأيت شابة إنجليزية تغني بصوت جميل وبيدها جيتارتها التي تعزف عليها بفن وإبداع. وقفت عندها وسمعتها تُقدم نفسها إلى كل المتواجدين وتغني أغنية من تأليفها..تقول فيها "أنا لا أريد عملاتك المعدنية، أريد فقط اذنك" فسمعتها حتى النهاية وشعرت أن صوتها أفضل من الكثير من المطربين الذين أسمعهم في قنوات التلفزيون أو محطات الراديو. اقتربت منها لأضع لها بعض القروش فوجدت لوحة مكتوب عليها عنوانين صفحاتها في الفيس بوك وتويتر، وألبومات غنائية تبيعها بنفسها ..وكان عليها إقبال كثير من الناس لكتابة إيميلاتهم وأسمائهم على ورقة وضعتها على الأرض بقربها للاشتراك بالقائمة البريدية واستلام أخبارها وأعمالها الجديدة. دخلت على موقعها الرسمي بعد عودتي إلى المنزل، وقمت بإضافتها على تويتر .. فوجدت أن لها الكثير من المتابعين والمحبين من كل أنحاء العالم، ومن ضمنهم السياح الذين يزورون لندن ويستمعون لها في الشوارع الإنجليزية .. وتقوم أيضاً ببيع ألبومها الذي أنتجته بنفسها على موقعها الرسمي، وتقوم بإرساله إلى كل دول العالم. ربما "شارلوت" ليست معروفة مثل كايتي بيري أو تايلور سويفت، لكنها سعيدة بما تفعله .. لأنها تعطي من قلبها، وتبحث عن التقدير أكثر من الأموال .. ورغم أن ألبوماتها لا تُباع في متاجر الموسيقى أو فيرجن ميجا ستور .. إلا أنها استطاعت أن تُسجل ألبومها الخاص باجتهادها، وتقوم بتسويقه وبيعه بنفسها على مواقع التواصل الاجتماعي.عندما تمسك شارلوت جيتارتها وتبدأ بالعزف، يقف كل من يمشي حولها ..ويمشون ببطء من كانوا يركضون من أجل أعمالهم أو مواعيدهم ..فموهبتها تستحق الاحترام والتقدير .. لا بوضع القروش لها، بل بإعطائها وقتا نسمع فيه صوتها وأغانيها الجديدة.إن الموهوبين والمبدعين في مجتمعنا يستحقون الاهتمام لتنميتهم وإظهار إبداعهم وإنجازاتهم للعالم، ولكن لو انتظر كل موهوب أن يتم إيجاده، أو توقع أن يبحث عنه شخص ما ليرى إبداعه .. فسينتظر طويلاً.علينا ألا نصنع الأعذار إذا كنا نملكه موهبة ما، فعدم وجود جهة رسمية أو مركز يدعم مواهبنا ليس عذراً مناسباً أبداً للتوقف عن السير في طريقنا لعمل ما نحب .. فهذه الأيام، أصبح من السهل جداً أن يُسوق الشخص نفسه عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو اليوتيوب أو المدونات دون الحاجة إلى انتظار من يبحث عنه ويتبنى موهبته.إن الموهوبين لا يحتاجون إلى دعم مالي بقدر الحاجة إلى دعم معنوي ونفسي يساعدهم في معرفة أنهم رائعين، وأنهم يستحقون التقدير والوقت لرؤية مواهبهم المختلفة.