12 سبتمبر 2025
تسجيلقبل أيام قليلة سجل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر زيارة إلى محافظة مأرب بدت أنها لتهنئة الوحدات العسكرية المؤيدة للشرعية بعيد الفطر ورفع الروح المعنوية للجنود الذين حالت كواليس الساسة دون مواصلة زحفهم نحو محبوبتهم صنعاء، لكن التوقيت والتصريحات النارية للرئيس جعلت للزيارة دلالات مهمة ربما تغير مسار الأزمة خاصة بعد تعثر مشاورات الكويت بسبب مراوغات وفدي الحوثي وصالح وبحثهما عن حل يتجاوز قرار مجلس الأمن الدولي 2216، وتمكنهما من إقناع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بضرورة تشكيل حكومة وحدة تشرعن للانقلاب ويصبح هادي ومن يدور في فلك شرعيته في مهب الريح. الرئيس هادي ربما يدرك خطر كل هذه المساعي التي تبحث عن حل مؤقت يفرخ حروبا جديدة وأزمات ولذلك أعلنها صريحة "لن نذهب إلى الكويت مرة أخرى إذا أصرت الأمم المتحدة ومجلس الأمن على فرض تشكيل حكومة مع الانقلابيين لأننا لم نجن من هذه المشاورات مع الحوثيين وصالح إلا السراب" ولم ينس أن يذكر إيران بالقول: "لن نسمح بإقامة دولة فارسية في اليمن"، كل هذه التصريحات شديدة اللهجة تعكس حالة من السخط لدى اليمنيين ربما أحسن هادي هذه المرة التعبير عنها لأن المعاناة تجاوزت اللحم إلى العظم وفي كل يوم يلتحق الآلاف من الطبقة الوسطى بالباحثين عن ما يسد الرمق.تحمل زيارة الرئيس هادي ونائبه إلى مأرب رسائل ودلالات من أهمها اقتناع الرئيس هادي وأعضاء حكومته بعدم جدوى أنصاف الحلول التي لن تصنع السلام بقدر ما تؤجل الحرب فقط، كذلك هناك مؤشرات على أن الحسم العسكري أصبح خيارا وجيها داخليا وخارجيا لذلك أرسلت قوات التحالف العربي تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مأرب، في وقت تبدو فيه مليشيا الحوثي وقوات صالح في وضع غير مريح يتبدى ذلك من محاولات إيران المستميتة إمدادهم بالأسلحة المتطورة عبر جسر عائم ينطلق من جزيرة تم استئجارها من دولة إفريقية مجاورة لكن الجيش الوطني منع عدد من الشحنات من الوصول لأهدافها.زيارة هادي لمأرب كان لها معنى آخر عند الحوثي وحلفائه حيث يرون أنها أعقبت التراجع الذي لحق بالقوات الموالية له وبالمجموعات المسلحة التابعة لحزب التجمع اليمني الإصلاح في مناطق نهم شرقي صنعاء وبعض مناطق مأرب، مما يعطي دفعًا إعلاميًا ومعنويًا كبيرا، كما أنها تعني أن الرياض أعلنت بشكل غير مباشر انهيار اتفاق وقف إطلاق النار حيث كان الرد بمقتل أول جندي سعودي على خطوط التماس الحدودية.الأزمة اليمنية تبدو في كثير من تجلياتها ودروبها متناقضة وعصية على الفهم ولذلك نرى تخبط المجتمع الدولي وحتى دول التحالف العربي، فهناك من يسعى لإبطال مفعول القرارات الدولية وجعل الحوثيين وريثا شرعيا للسلطة تعزز ادعاءه بحق الاصطفاء الإلهي، وهناك من دول التحالف العربي للأسف من تضع رجلا مع الحكومة الشرعية ورجلا أخر مع طرفي الانقلاب، لذلك تبدو الطريق إلى صنعاء بعيدة جدا وهذا ما عبر عنه مسؤول يمني كبير جدا يوصف بأنه الأسد العجوز عندما قال لبعض خاصته: من السهل جدا أن نجهز خمسة أولوية لتحرير صنعاء ولكن من الصعب جدا أن نجعلهم عرضة لمصير مجهول من أمامهم ومن فوقهم وهذا التصريح يحمل دلالات خطيرة يجب على قيادة التحالف العربي إعادة النظر في كل خططها لأن صنعاء لم تعد عاصمة لبلد يقبع بعيدا في جنوب الجزيرة العربية بل أصبحت الآن مدينة منها يعم السلام ومنها تأتي الأخطار على كل دول الإقليم.