15 سبتمبر 2025
تسجيلذهبت أدراج الرياح الحملة الإعلامية الصاخبة التي استهدفت دبي ودولة الإمارات بشكل عام في بداية الأزمة المالية العالمية، ابتداء من هروب الموظفين واصطفاف آلاف السيارات المتروكة عند بوابة المطار وليس انتهاء بالفنادق الفارغة. وعندما قدمنا تقييما موضوعيا وشفافا حول حقيقة الأمر وأن الدولة حالها حال بلدان العالم تأثرت بالأزمة، إلا أن الإمكانات المتوفرة تتيح معالجة هذا الوضع المؤقت، كما أن شدة التأثير لم تشمل قطاعات اقتصادية مهمة وفعالة، كالقطاع المصرفي والطيران المدني والصناعات التحويلية، إلا أن هذا الرأي الموضوعي نظر إليه على أنه انحياز بعيد عن الواقع، خصوصا أن وكالات التصنيف الدولية سارعت وبصورة غير مدروسة إلى تخفيض التصنيف الائتماني للمؤسسات المحلية. ولنبدأ بوكالات التصنيف ذاتها والتي عمدت في بداية الشهر الجاري إلى رفع التصنيف الائتماني للعديد من مؤسسات دبي الكبيرة، وذلك اعترافا منها بالملاءة المالية الجيدة لهذه الشركات والتي قامت مؤخرا بتسديد مستحقات بقيمة 19.7 مليار درهم (5.36 مليار دولار) قبل موعد استحقاقها بفترة طويلة نسبيا، حيث تستحق بعض هذه الالتزامات في شهر نوفمبر القادم 2012، علما بأن إعادة ديون دبي العالمية شكلت إنجازا كبيرا باعتراف العديد من المؤسسات الدولية. وتزامنا مع ذلك اعتمدت دبي مشاريع جديدة سوف تساهم في إنعاش الاقتصاد في الفترة القادمة، حيث دشن سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مشروع "البرواز" بقيمة 120 مليون درهم (32.67 مليون دولار) لينجز خلال أشهر قليلة وليشكل أحد المعالم الجديدة لدبي. ويتوقع أن يرتفع عدد المسافرين عن طريق مطار دبي هذا العام بنسبة 10% تقريبا ليصل إلى 56 مليون مسافر، مقابل 51 مليونا في العام الماضي، حيث ستستمر طيران الإمارات الرائدة في استقبال طائرة واحدة جديدة من طراز 380 كل شهر حتى عام 2013، وذلك إلى جانب إشغال الفنادق بنسبة تفوق 80% وهي نسبة عالمية مرتفعة. وعلى مستوى اقتصاد دولة الإمارات ككل والذي يشكل اقتصاد دبي أحد مكوناته الأساسية، فإن التوقعات تشير إلى نموه بنسبة 5.6% ليصل إلى 1.5 ترليون درهم (408 مليارات دولار) في العام الجاري 2012 ومع أن جزءا كبيرا من هذه الزيادة تأتي من ارتفاع أسعار النفط، إلا أن القطاعات غير النفطية تحقق بدورها نسب نمو مرتفعة مدفوعة بالتحسن الكبير الذي طرأ على مستويات السيولة وانتعاش كافة القطاعات، بما فيها تلك التي تضررت بشدة من الأزمة، كالقطاع العقاري والبورصات المحلية. وإذا ما أشرنا إلى النشاطات الكبيرة التي تشهدها بقية مدن الدولة، وبالأخص العاصمة أبوظبي، فإن دولة الإمارات سوف تستعيد سريعا مستويات ومؤشرات النمو في فترة ما قبل الأزمة، فتدفق الاستثمارات الأجنبية وحجم الائتمان المصرفي المتنامي وغيرها من المؤشرات تتطلب أن تعيد وكالات التصنيف الدولية تقييمها لمؤسسات الدولة وأدائها الجيد والمدعوم بالبيانات والنشاطات الاقتصادية سريعة النمو. وبالإضافة إلى ذلك يمكن متابعة التقارير الدولية المحايدة والتي تضع دولة الإمارات ضمن المراكز الأولى في مؤشراتها، حيث احتلت الدولة المركز الأول عالميا في كفاءة السياسة المالية في تقرير التنافسية العالمي لعام 2012. والحال؛ فإن هناك مؤشرات إيجابية كثيرة يمكن تدوينها هنا، حيث لا يتسع المجال للتطرق إليها جميعا، إلا أنه يمكن القول بثقة إن دولة الإمارات ودبي قد طويت معظم آثار الأزمة بصورة نهائية وأن الفترة القادمة سوف تشهد ازدهارا كبيرا من خلال الإعلان عن تنفيذ العديد من المشاريع في كافة المجالات، فالإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي تشكل في الوقت الحاضر أحد أهم قنوات إنعاش الاقتصاد العالمي، وذلك من خلال توفير مصادر الطاقة وتنشيط قطاع التجارة الخارجية والنقل الجوي والاستثمارات الخارجية التي تضخ سنويا مئات المليارات في اقتصادات بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مما يساهم في دعم اقتصاداتها وتوفير آلاف الوظائف للعاطلين عن العمل، إذ يشير ذلك بوضوح إلى قوة الاقتصاد المحلي، وإلا فكيف يمكن لاقتصاد متأزم مثلما تبين وسائل الإعلام الخارجية أن يحقق كل هذا التقدم؟. وفي هذا الصدد من المهم أن تشكل التقييمات غير الموضوعية السابقة تجربة للإعلام الخارجي الذي أوجد ضجة مفتعلة لم تؤثر كثيرا على متخذ القرار، وإنما تم ركنها جانبا واتجهت الجهود للمعالجات الموضوعية وتفادي السلبيات والعمل على تدوير عجلة الاقتصاد للخروج من تداعيات الأزمة بسرعة وبأقل الخسائر، وهو ما تم بالفعل، حيث شكل ذلك تجربة غنية يمكن البناء عليها مستقبلا.