11 سبتمبر 2025
تسجيلأن يتحول معتوه إلى قنبلة موقوتة يفجر ويقتل ويسفك الدماء أمر تعرفه كل الملل والأديان والأعراق والألوان، وهو ما ينطبق على مجرم أورلاندو عمر متين البالغ من العمر 21 عاما، والذي قام بتفجير ملهى للشواذ وقتل أكثر من 50 منهم وجرح العشرات.المشكلة الأكبر عندما يتم استغلال هذه الحادثة لربط الإرهاب بالإسلام، وربط التطرف بالمسلمين، وبدء حملة عنيفة من الاعتداءات الإعلامية والسلوكية ضد المسلمين في أمريكا والغرب عموما، وتغذية شياطين "الإسلاموفوبيا" لشيطنة الإسلام والتنفير منه والاعتداء على المساجد والمراكز الإسلامية.ربما من المفيد أن نجري مقارنة بين هجمات متشابه إلى حد ما، فقبل عام بالضبط أقدم الشاب ديلان روف البالغ من العمر 21 عاما على اقتحام كنيسة للسود في مدينة تشارلستون وأطلق النار داخلها وقتل 9 مصلين، وأعلن أنه يريد "إعلان حرب ضد السود"، ولم يتحدث أحد عن الإرهاب الأوروبي المسيحي الأبيض العنصر، فهذه الحادث ليست أكثر "جريمة عنصرية"، وأقصى ما نطق به المسؤولون الأمريكيون كانت "جريمة كراهية" وقال رئيس بلدية تشارلستون جو ريلي: "هذه مأساة شنيعة ومفجعة في هذه الكنيسة التاريخية.. لقد أزهق شخص شرير ومفعم بالكراهية أرواح مدنيين جاؤوا للعبادة والصلاة سويا". أما قائد شرطة تشارلستون غريغوري مولن فوصف ما وقع بأنه "جريمة عنصرية"، واعتبر أنه "من غير المفهوم في مجتمع اليوم أن يذهب شخص إلى كنيسة فيها مصلون ويقتلهم". أما حاكمة ولاية كارولاينا الجنوبية نيكي هيلي فقالت "الولاية تألمت لمقتل تسعة أشخاص أبرياء".. هذا كل ما في الأمر "جريمة كراهية عنصرية تدعو للألم".الفرق واضح بين "إرهابنا" و"إرهابهم" إذا جاز استخدام التعبير.. فرغم أن الشابين ديلان روف وعمر متين ينطلقان من نفس الخلفية، وهي في الأولى "كراهية السود" وفي الثانية "كراهية الشواذ"، إلا أن الكراهية لم تحول الأول إلى إرهابي لأنه "أمريكي أبيض مسيحي" وجعلت من الثاني "إرهابيا" لأنه آسيوي مسلم ملون"، وهنا يكمن الانفصام الأمريكي والغربي عند التعامل مع "إرهابهم" و "إرهاب الآخرين".أمريكا بلد الجريمة المنظمة وتسجل معدلات غير مسبوقة وتحتل مدينتي ديترويت وسان لويس المراتب الثالثة والرابعة على قائمة أخطر مدن العالم، وقائمة الجرائم لا حصر لها ففي نفس الولاية التي ارتكبت أقدم مسلح قبل أيام على المغنية الأمريكية كريستينا غريمي ثم انتحر. من الاعتداءات الإرهابية "الأمريكية البيضاء المسيحية"، قتل المسيحي اليميني المتشدد بول جينينغز هيل الدكتور جون بريتون في 29 يوليو 1994، وكان القاتل ينتمي لمنظمة متشددة أطلق عليها "جيش الرب" لمعارضة الإجهاض، ونفذ زميله إريك رادولف عضو "جيش الرب" جريمة تحت مسمى الدفاع عن المسيحية، تفجير الحديقة الأولمبية في صيف 1996 ما تسبب في قتل زائر وإصابة 111، وشارك في تفجير بار للمثليات يدعى "آذروايس لونج" في أتلانتا. ولم يتحدث أحد عن "إرهاب".وفي 19 أبريل 1995 أقدم تيموثي ماكفيه على تفجير أولاهوما ستي ما أسفر عن مقتل 168 شخصا وإصابة نحو 600 حينما قاد شاحنة مليئة بالمتفجرات صوب مبنى فيدرالي مكتظ بما يضمن قتل أكبر قدر من البشر، وكانت الرغبة في الانتقام من الحكومة الأمريكية هي الدافع وراء التفجير، كما كانت لديه أفكار راسخة تتعلق بهيمنة الجنس الأبيض، ومهاجمة معبد للسيخ عام 2012 وقتل 6 أشخاص، وقتل الطبيب تيلر في 31 مايو 2009 على يد سكوت رودر المسيحي اليميني المتشدد المناهض للإجهاض. وفي 27 يوليو 2008 دخل المسيحي اليميني جيم ديفيد أدكيسون داخل الكنيسة العالمية بنوكسفيل، أثناء لعب الأطفال، وقتل شخصين وأصاب عشرة.ورغم كل هذه الهجمات "البيضاء المسيحية الأمريكية" إلا أنهم لا يسمونها "إرهاب"، فالإرهاب هو ما يقدم عليه "مسلم أو شرق أوسطي"، أنها ازدواجية المعايير الغربية التي لا تتوقف أبدا.