15 سبتمبر 2025
تسجيلالحكمة من الشهر الفضيل هي أن نشعر بالآخرين الذين يعانون طوال العام من جوع ونقص في الطعام والمشرب الرغد الجميل وليس الحكمة كما يفعل الكثيرون منا في التبذير والإسراف، وتحويل الشهر من شهر طاعة وعبادة الى شهر أكل وشرب والنوم نهارا والسهر ليلاً في غير طاعة الله. ورغم أن هذا الموضوع قتل بحثا وكتابة فان قصة أرسلت لي عبر الايميل أظن أن وقتها قد حان اليوم لعرضها لسببين، السبب الأول: إنها تأتي من قوم نظن فيهم إسرافاً وبذخاً، وهم من اغنى شعوب العالم، والسبب الثاني: إنه أتت من قوم غير مسلمين في الوقت الذي لا يكترث كثير من المسلمين بتعاليم دينهم التي تحض على عدم الاسراف وإن المبذرين كانوا إخوان الشياطين. حيث يقول أحد الطلاب العرب المبتعثين الى المانيا:عندما وصلت الى هامبورغ.. رتب أحد زملائي الموجودين في هامبورغ جلسة ترحيب لي في أحد المطاعم .. وعندما دخلنا المطعم لاحظنا أن كثيرا من الطاولات كانت فارغة وكان هناك طاولة صغيرة تواجد عليها زوجان شابان لم يكن أمامهما سوى اثنين من الأطباق وعلبتين من المشروبات..كنت أتساءل إذا كانت هذه الوجبة البسيطة يمكن أن تكون رومانسية وماذا ستقول الفتاة عن بخل هذا الزوج .. وكان هناك عدد قليل من السيدات كبيرات السن يجلسن جانبا..طلب زميلنا الطعام وكنا جياعا فطلب المزيد.. وبما أن المطعم كان هادئا وصل الطعام سريعا لم نقض الكثير من الوقت في تناول الطعام وعندما قمنا بمغادرة المكان كان هناك حوالي ثلث الطعام متبق في الاطباق .. ولم نكد نصل باب المطعم الا وصوت ينادينا .. لاحظنا السيدات كبيرات السن يتحدثن عنا الى مالك المطعم ..وعندما تحدثن الينا فهمنا أنهن يشعرن بالاستياء لإضاعة الكثير من الطعام المتبقي .أجابهم زميلي: "لقد دفعنا ثمن الطعام الذي طلبناه فلماذا تتدخلن فيما لا يعنينكن ..؟؟ احدى السيدات نظرت الينا بغضب شديد واتجهت نحو الهاتف واستدعت أحدهم..بعد فترة من الزمن وصل رجل في زي رسمي قدم نفسه على أنه ضابط من مؤسسة التأمينات الاجتماعية وحرر لنا مخالفة بقيمة 50 مارك .التزمنا جميعا الصمت .. وأخرج زميلي 50 مارك قدمها مع الاعتذار الى الموظف.قال الضابط بلهجة حازمة: " اطلبوا كمية الطعام التي يمكنكم استهلاكها.. المال لك لكن الموارد للجميع.. وهناك العديد من الآخرين في العالم يواجهون نقصا في الموارد .. ليس لديكم سبب لهدر الموارد " .احمرت وجوهنا خجلا .. ولكننا في النهاية اتفقنا معه .نحن فعلا بحاجة الى التفكير في هذا الموضوع لتغيير عاداتنا السيئة، يا الله كم نحن سيئون عندنا نغرف من البوفيهات المفتوحة سواء في الاعراس أو المناسبات مثل المؤتمرات، الأكل بكميات كبيرة ويزيد منها النصف ثم نتحول بعد ذلك الى صحن الحلويات ونترك الصحن وبقايا الاكل الزائد فقط تكفي لشخص آخر يأكل منها، .. وبعد ذلك قام زميلي بتصوير تذكرة المخالفة وأعطى نسخة لكل واحد منا كهدية تذكارية." المال لك .. لكن الموارد ملك للجميع " وأنا هنا لا أدعو لمنع طيبات أحلها الله، ولكن أدعو فقط الى الأخذ منها بقدر ما يكفي، وترك الباقي للقادم، فالأيام دائرة، وللفقراء والمساكين حق فهم الذين لا يجدون شيئا مما نلقيه نحن في حاويات القمامة. فاللهم اجعلنا ممن نحافظ على نعمتك ونقدرها ولا تجعلنا من المبذرين المسرفين، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين، اللهم انعم علينا بنعمتك واحفظها من الزوال إنك نعم المولى ونعم النصير .