27 أكتوبر 2025

تسجيل

تسييس الحج خطأ ديني وسياسي

14 مايو 2018

تفيد الأخبار بأن وزارة الحج والعمرة بالسعودية سوف تغلق المسار الإلكتروني "السيستم" مع كافة دول العالم بعد أسبوعين إيذاناً ببداية مرحلة جديدة من الإجراءات بين السفارات السعودية في الخارج ووزارة الحج والعمرة في الرياض وفروعها في مكة المكرمة، وقال أصحاب حملات إنه بقفل المسار الإلكتروني تكون السعودية أعطت مؤشرات واضحة بمنع القطريين والمقيمين للعام الثاني على التوالي من أداء فريضة الحج كما منعتهم من أداء العمرة لمواسم مختلفة، أولها عمرة رمضان الذي تزامن مع فرض الحصار الجائر وتوالت مواسم العمرة الأخرى ولم يسمح للراغبين بأداء الشعيرة، أول ما تبادر إلى الذهن حين قرأت هذا الخبر هو ما قاله العزيز الحكيم في هذه الآية :(وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُالْعِقَابِ) صدق الله العظيم، والسبب هو أنه لأول مرة في التاريخ الحديث يقع صد المواطن القطري والمقيم في قطر عن المسجد الحرام بممارسات سياسوية لا تليق بمن عهدت إليه خدمة الحرمين الشريفين ولا بدولة شقيقة هي الأخت الكبرى ثم إن انزلاق الدبلوماسية السعودية الى التعاون على الإثم والعدوان مع بعض الأطراف يبدو متناقضاً مع الرسالة الأخوية والروحية التي من المفترض أداؤها من قبل الرياض. فسبحان الله كيف أودع في تلك الآية من كتابه ما يصور واقع الحال الراهن بين شعب قطر والشعوب الخليجية والعربية من انتهاك لأبسط قواعد التعاون على البر والتقوى ولكن الله سبحانه يفرز الحق من الباطل وينصر العدل على الظلم، فدولة قطر بما أكدته للعالم من مواقف البر والتقوى أي العمل على رأب الصدع وفتق الرتق بين الإخوة ومن مواقف الترفع عن إثم المس بالأعراض وشتم الرموز ومواقف التمسك بوحدة الأسرة الخليجية بينما يصدعها الآخرون بتهور وانعدام المسؤولية أثبتت للرأي العام العالمي ولأوروبا والغرب بالذات أنها على حق لا يستدعي السقوط في المحظورات ولا استباحة المقدسات ولا تعميق الجراح. ولنأخذ مثلا واحداً من كلام عادل الجبير عن دور قطر في القضية العربية الإسلامية الأولى وهي قضية الحق الفلسطيني بإزاء الغطرسة الإسرائيلية ومخطط صفقة القرن فقد قلب الجبير الحق حين قال أمام البرلمانيين الأوروبيين ان قطر بتمويلها لحماس عطلت مسار التوفيق بين الضفة والقطاع، بينما الحقيقة الساطعة والمعلنة كانت قطر السباقة قبل غيرها إلى جمع الإخوة الفرقاء في الدوحة والقيام بمحاولات الوساطة الأخوية لتحقيق الوفاق بين السلطة وحماس التي فازت في انتخابات حرة وديمقراطية وإيمانا منها بأنه لا غاية للقطاع والضفة إلا الدفاع عن فلسطين كما أن الحقيقة التاريخية الساطعة هي أن دولة قطر لم توجه معونتها لمنظمة حماس أو سواها ولا تتدخل في شؤون الشعب الفلسطيني الداخلية بل كانت كل المعونات موجهة الى شعب غزة المحاصر من قبل إسرائيل ومع الأسف من قبل بعض الأطراف التي تحاصر اليوم قطر أيضا!!! فالمعونة الأخوية الصادقة من شعب قطر لشعب غزة هي واجب إسلامي ووطني وإنساني تمليه الضمائر القطرية المؤمنة واسألوا أهل غزة الذين ظلت مستشفياتهم بلا أدوية وبيوتهم بلا كهرباء ومواطنوهم بلا رواتب وطلابهم بلا مدارس سوف يجيبونكم بما يختلج في صدورهم من عبارات العرفان للذين يمدون لهم أيدي العون وليس للذين يتاجرون بعذاباتهم ويؤازرون أعداءهم ويصفون قيادتهم بالإرهاب بل ويبررون جرائم الاستيطان والقتل والقمع بالسكوت عن الحق كالشياطين الخرس؟ نعم اسألوا أهل غزة عمن كسر الحصار وأعاد الإعمار وأنشأ الديار حين هبت قيادة قطر ممثلة في سمو الأمير الوالد وبعده في سمو الشيخ تميم لنجدة إخوتهم الفلسطينيين بالفعل لا بالقول وبالعمل لا بالتمويه مع جهود القيادة القطرية في إعمار جنوب لبنان بعد تحريره حتى أصبحت قطر تعتبر لدى لبنانيي الجنوب بالشريكة في تحرير لبنان، هل هذه المواقف المشرفة قابلة للتشويه؟ أم أنها المواقف الجريئة الثابتة الصامدة التي ترفض بيع القضية الفلسطينية وأول فصولها القاضية بالتصفية النهائية لقضية الحق الفلسطيني في أن تكون لشعبه دولة الى جانب الدول الأخرى وعاصمتها التاريخية القدس الشرقية؟ فالرئيس الفلسطيني أبو مازن اعتبر أنه لا قبول للتخلي عن أبسط الحقوق الفلسطينية التي تضمنتها كل المواثيق الدولية بداية من استعادة ما احتله العدو الإسرائيلي سنة 1967 والاعتراف بحق العودة لأبناء الشعب الفلسطيني إلى مدنهم وقراهم وحينئذ يمكن تحقيق السلام الدائم بين فلسطين الدولة المستقلة كاملة السيادة وكل جيرانها حسب مبدأ تقرير المصير الذي يحكم العلاقات بين الدول منذ مبادئ الرئيس الأمريكي (وودرو ويلسن) الى اليوم وهو ما تضمنه ميثاق منظمة الأمم المتحدة وأعطاه حقا للشعوب لا جدال فيه. خلاصة القول كما يعرف عقلاء العرب هو أن حبل الباطل قصير وأن الترويج للباطل باطل في حد ذاته ولا أبلغ اليوم من هذه الصورة الناصعة التي تحملها الضمائر بالذات الغربية عن دولة قطر كشريك صادق وناجع في مكافحة آفة الإرهاب، بل هي الدولة الداعية الى عقد اتفاقية خليجية لمقاومة الإرهاب وتحقيق الأمن.