12 سبتمبر 2025

تسجيل

استضافة المونديال

14 مايو 2014

الإنسان العربي يفرح، ويسعد، عندما يرى أن أمة عربية، أو بلدا عربيا، أو إنسانا عربيا فردا، قد حقق نجاحا، أو فوزا هنا أوهناك. أنها طبيعة الوجدان الإنساني المجبول على التعاضد والتكاتف والتمازج مع الأقربين، كان هذا القرب قربا عرقيا أو حضاريا، أو جغرافيا. على المستوى الفردي، اذكر كيف انفعل الإنسان العربي، ذات يوم، بصعود نجم العالم العربي المصري الجنسية فاروق الباز، عندما سما نجم العالم العربي الكبير، وحوّم في عالم الفضاء، وصار علما عربيا يشار إليه بالبنان، في وقت قلت فيه الإشارات الحاكية. وحتى على المستوى الفردي الأقل، يذكر كيف انفعل الإنسان العربي، والإعلام العربي، وفي الشارع العربي العام، كيف انفعل هذا الطيف العريض بواقعة اللاعب العربي السعودي سعيد العويران في مونديال عام 1994 عندما غربل دفاع الفريق الكروي البلجيكي فردا فردا شاقا، شاقا طريقه من منطقة دفاع فريقه حتى اسكن الكرة في قلب الشباك البلجيكي ليتحول بعدها إلى أسطورة كروية في ذلك المونديال احتفى بها الإعلام العالمي في طول العالم وعرضه، كإنجاز فردي نادر استحق الإشادة والتقدير بصرف النظر من أين أتى ذلك الإنجاز. ويذكر كذلك الملاكم البريطاني اليمنى الأصل نسيم حميد الذي ظهر في عالم الملاكمة فجأة في العام 1992، وهو شاب في مقتبل العمر، ليخوض 36 مباراة ملاكمة فاز في 35 مباراة منها بالضربات القاضية، وخسر مباراة واحدة بالنقاط، ليتحول بعدها نسيم حميد إلى بطل عربي، وأنشودة في شفاه الجاليات العربية الكبيرة في بريطانيا التي أسعدها إنجاز إنسان عربي فرد في ساحة بريطانية بعيدا عن دياره الأصلية، خصوصا أن الملاكم حميد كان يرفع علم بلاده الأصلية اليمن بجانب العلم البريطاني في أي مباراة يخوضها. وقس على هذا ابتهاج الإنسان العربي في طول الوطن العربي وعرضه عندما كتم العالم أنفاسه لبضعة دقائق في مدينة زيوريخ السويسرية في العاشر من ديسمبر 2010 انتظارا لإعلان الفيفا عن اسم الدولة الفائزة بتنظيم مونديال 2022. فكانت تلك الدولة هي دولة قطر الصغيرة الكبيرة التي حضر أميرها وزوجته (وقتها سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني) حفل إعلان فوز قطر بشرف تنظيم المونديال العظيم في العام 2022. ويذكر أن الولايات المتحدة كانت من الدول المنافسة على تنظيم ذلك المونديال. وعندما خسرت المنافسة، اغتاظ رئيسها، باراك أوباما، وأصدر تصريحات غير لائقة برئيس الدولة القطب، ولا برئيس العالم الحر، شكك فيها في صدقية المعايير التي وضعتها اللجنة المعنية بتنظيم المنافسة. ولكن الإعلام العالمي الحر من السيطرة الأمريكية والغربية استهجن تصريحات الرئيس الأمريكي. وتحدث عن قدرة قطر وإمكاناتها المتعددة وأهليتها وقدراتها التي ستمكنها من إنجاز المهمة الكبيرة بنجاح أكيد. في حفل الإعلان عن النتيجة قال الشيخ الشاب محمد آل ثاني مخاطبا رئيس الفيفا " شكرا لكم. وسوف تفخرون بنا". وبدا الشيخ الشاب وهو يقف بجانب الأمير، بدا واثقا من بلده، ومن قدرتها على إنجاز المهمة الكبيرة بالصورة التي تجعل المنظمين يفخرون بها.في الأسابيع القليلة الماضية عادت بعض الجهات الإعلامية الموتورة والمغيوظة من فوز قطر بجائزة المونديال، عادت وتحدثت عن انتهاك قطر لحقوق العمالة الأجنبية التي استقدمتها للعمل في المرافق الرياضية التي يجرى تجهيزها لمونديال 2022، كأن قطر لم تعرف التعامل مع العمالة الأجنبية إلا هذه الأيام، أو بعد فوزها بتنظيم المونديال، وهى الدولة الخليجية التي ظلت تحتضن، هي وأخواتها الدول الخليجية الأخرى، عشرات الألوف من العمالة الأجنبية، التي ظلت تجد التقدير والمعاملة الاستثنائية تقديرا من هذه الدول لدور هذه العمالة وإسهاماتها في تنفيذ مشروعات التنمية العملاقة التي انتظمت ربى الخليج وفيافيه. ولكنه الغرض الذي يعمى القلوب التي في الصدور.