14 سبتمبر 2025

تسجيل

العراق الإيراني...؟

14 مايو 2014

مع وصول الوضع الداخلي العراقي لحافات خطيرة بعد الانتخابات العامة الأخيرة والتي أفرزت وضعا سياسيا عائما وحائرا تمثل في إعلان جميع الأطراف المتنافسة فوزها المسبق!، مع تصاعد اتهامات وأدلة التزوير الذي جاء هذه المرة بصورة مبتكرة وبشكل مختلف بالكامل عن المراحل السابقة، ستنشأ جبهات ومحطات صراع داخلية جديدة ومتجددة هي في طبيعتها وخلفيتها العامة امتداد واضح ومستمر لحالة الصراع والتطاحن السابقة أيام المعارضة العراقية التي سبقت الاحتلال الأمريكي عام 2003، ووسط إدعاءات النصر والهزيمة، وفي خضم الاستعدادات الإقليمية للتعامل مع الحكومة العراقية الجديدة التي ستشهد مخاضات دموية عنيفة قبل تشكلها، تتأكد حقيقة واحدة وثابتة ومعلومة وهي تلك التي تؤكد بأن العراق بقضه وقضيضه قد تحول لجبهة ساخنة من جبهات العمل الإيرانية في الشرق الأوسط!، فصناديق الاقتراع ونتائج التصويت ليست هي العامل الأساس والجوهري في تشكيل حكومة العراق، بل إن رضا وغضب ومباركة الولي الإيراني الفقيه وحدها من تحسم الموقف وتقرر الأمور وتضفي الشرعية على النتائج النهائية للانتخابات!، وهذه الحقيقة المؤسفة يترجمها هرولة قادة ورموز الأحزاب الطائفية/ الدينية العراقية صوب طهران، بدءا من جماعة نوري المالكي (الدعوة)، مرورا بالتيار الصدري وليس انتهاء بجماعة عمار الحكيم، فهذه الأطراف التي تشكل عصب التحالف الشيعي متخالفة فيما بينها لحد الصراع القاتل ولا ينظم آلية عملها ويحدد مواقفها النهائية سوى البارومتر الإيراني وحده، فإيران اليوم تمثل موقعا في العراق هو أكبر بكثير من نتائج الانتخابات، وهذه الحقيقة الميدانية تؤكدها نتائج انتخابات عام 2010 التي أفرزت فوز ائتلاف إياد علاوي (العراقية) بالأغلبية، ومع ذلك وبسبب الخط الأحمر الإيراني على علاوي تم تغيير مسار النتائج بالمطلق وأضيفت أربعة أعوام عجفاء لحكومة المالكي الثانية والتي يطمح اليوم بل يؤكد بأنها ستكون الحكومة الثالثة رغم أنف نتائج صناديق الاقتراع!!. في الانتخابات الأخيرة لاشيء تغير بالمرة، والتغيير الذي تحدثت عنه التيارات المتنافسة لن يتحقق أبداً في ظل الهيمنة الإيرانية المطلقة المترافقة مع ملف الحرب السورية التي تورط الإيرانيون في أوحالها حتى الثمالة وحيث للعراق في المشروع الإيراني لدعم نظام الأسد موقعا إستراتيجيا مهما لا يريدون أن يعكر أي تغيير في السلطة العراقية تلك المخططات التي يعتبرها الإيرانيون بمثابة تحصين لخطوطهم الدفاعية، بعد انحسار الحقبة الأمريكية في العراق في عهد أوباما المتردد، تم تسليم عهدة العراق بالكامل للنظام الإيراني وحيث تعيش الحقبة الإيرانية أزهى أيامها، وهو مجهود تحقق بالتراكم وعبر برنامج عمل واسع من حكومة السيد المالكي كان بمثابة تكريس لذلك الوضع، فالثقة الكبيرة التي يتحدث بها المالكي عن حكومته القادمة تتجاهل بالكامل إصرار الأحزاب الشيعية الأخرى على التغيير بما فيها بعض الأطراف الحوزوية المتبرمة من طول فترة المالكي في السلطة والسلبية المطلقة التي يعيشها العراق، فلقد سبق للسيد المالكي قبل عامين أن أعلن بصورة صريحة بأنه وحزبه (لن ينطيها) أي السلطة لأي طرف لأنه لايوجد من يستطيع أخذها منه!! وهذه الثقة الكبيرة مستندة بشكل كبير للاطمئنان للموقف الإيراني وهو الحاسم في تقرير أمور الحكم في العراق... نعيش جميعا اليوم في حقبة العراق الإيراني وهو ما ستكون له تداعياته المباشرة على أمن ومستقبل المنطقة.