18 سبتمبر 2025
تسجيلها هو شهر رمضان المبارك يعود علينا كالمعتاد، إلا أن هذا العام له طعم آخر لأن إخوتنا في غزة الفلسطينية الصامدة تشهد يوميا سقوط مئات الشهداء من أبنائها سواء أولئك الذين يستشهدون بنيران وأسلحة الاحتلال الاسرائيلي البغيض الممزوج بسياسات وأسلحة أمريكية وأوروبية صهيونية وبدعم بعض الدول المطبعة مع الكيان، أو بفعل المجاعة التي يفرضها الصهاينة على أبناء غزة لزيادة عدد الوفيات منهم وتهجيرهم بشتى الطرق، في الوقت الذي بلغ فيه عدد الشهداء 31 ألف شهيد. وفي الوقت الذي يعاني فيه أبناء فلسطين في غزة من قتل وتدمير ونيران وأجواء باردة بجانب المجاعة والعطش اللذين تسبب بهما الاحتلال وبمساعدة الفيتو الأمريكي وخذلان دول التطبيع لهم، نجد أن مبادرات جديدة تطرح من قبل أمريكا لاستكمال مخططها لتهجير أبناء فلسطين من أراضيهم إلى دول محيطة حولها من خلال بحر غزة. وكالات الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تستطع حتى الآن أن تلبي 5% من احتياجات أبناء غزة، فيما نرى جامعة الدول العربية والمنظمة الاسلامية تصدران قرارات بقيمة الحبر الذي تستخدمانه في هذا الشأن، وهم يعلمون علم اليقين بأن أبناء فلسطين في حاجة كبيرة إلى توصيل الأدوية اللازمة ومختلف احتياجاتهم من الأكل والشرب والإيواء. وها هو منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة مارتن غريفيثس يحذر من أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة على شفا المجاعة، وأن الأطفال يموتون جوعاً، فيما تدخل الأعمال العدائية في قطاع غزة شهرها السادس دون أن تتوقف هذه الحرب الشرسة. فالمسؤول الأممي ذكر في رسالته في وسائل التواصل الاجتماعي بأن «مجتمع العمل الإنساني على دراية بما يتعين عمله لإنقاذ الأرواح في غزة ولكننا بحاجة إلى الظروف والضمانات المناسبة من أجل وقف إطلاق النار والامتثال التام لقواعد الحرب، وتوفير نقاط دخول إضافية إلى القطاع ومزيد من طرق الإمداد وسعة التخزين في غزة وتحسين حماية قوافل الإغاثة». أمر جميل أن يتحدث بعض هؤلاء المسؤولين الأجانب عن معاناه إخوتنا في غزة، في الوقت الذي تقف فيه الدول العربية المحيطة بفلسطين عاجزة في تقديم العون والمساعدات الانسانية للمحتاجين وتوفير الإمدادات الإنسانية لهم. إن هذا الشهر الفضيل يهل علينا من أجل أن نشعر بجوع الضعفاء لساعات معينة، إلا أننا نرى أن أبناء وأطفال غزة قد مضى عليهم ستة أشهر وهم يصومون لساعات بل أيام دون أن يحصلوا على أكل نظيف ومياه صالحة للشرب. إذاً، كيف نستطيع أن نهنأ بالاكل في مثل هذه الظروف التي تمر عليهم؟ في الوقت الذي نقوم فيه بهدر كميات كبيرة من الأغذية والأطعمة في سلة المهملات في هذا الشهر الفضيل بسبب التبذير والإسراف في الأكل والشرب دون أن نشعر بحاجة اطفال غزة إلى الغذاء والشرب. علينا إدراك أن تخصيص مبالغ صغيرة لمساعدة الضعفاء في فلسطين لها أجر عظيم وخاصة في شهر رمضان الفضيل. وعليه فإن الاقتصاد قليلا في الأكل والشرب من أجل تحويل هذه المبالغ إلى أبناء غزة الصامدين والمجاهدين عن الاقصى وعن فلسطين عامة لهو من الاعمال النبيلة. إن المبادرات التي تطرح في شأن مكافحة المجاعة عديدة وآخرها هي مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي كان أول القادمين إلى عاصمة دولة الاحتلال للوقوف معها بعد السابع من اكتوبر 2023 بسبب طوفان الاقصى، وهو اليوم يرغب في أن يقوم الجيش الأمريكي ببناء ميناء مؤقت على ساحل قطاع غزة على البحر المتوسط لإيصال المساعدات الإنسانية عن طريق البحر. وكأن المعابر البرية لدولة الاحتلال والدول المحيطة بها لا يمكن لها أن تقوم بهذا العمل، في الوقت الذي تصل فيه المساعدات القتالية والهجومية الامريكية لدولة الاحتلال يومياً للاستمرار في هذه الحرب الشرسة على أبناء غزة البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة. ويرى الكثير من المراقبين أن هذه المحاولات الأمريكية ليست من أجل احتواء خطر المجاعة في غزة، بل لتسهيل تهجير أبنائها إلى خارج الحدود الفلسطينية على مراحل معينة، في الوقت الذي تحذر فيه الأمم المتحدة من أن غزة تواجه خطراً كبيراً ومجاعة بسبب العقبات التي تضعها دولة الاحتلال من إيصال إمدادات الإغاثة وتوزيعها في أنحاء القطاع. إن محاولات الإنزال الجوي الأخيرة أثبتت أنها غير فعالة في توفير الكميات المطلوبة من الأكل والشرب وهي قليلة، والحل الأمثل يكمن في إدخالها عبر البر في الشاحنات المتوقفة برفح بسبب غطرسة السلطات الاسرائيلية وضعف الدول العربية في مواجهة هذه المعضلة. وحتى حدوث أي انفراج في هذا الشأن ستأتي إلينا الاخبار بوفاة مزيد من أطفال غزة من سوء التغذية والمجاعة بسبب الحصار عليهم من القريب والبعيد. فمخطط الميناء ربما سيعالج الجانب الإنساني، إلا أن الجانب الآخر له بدخول ومرافقة القوات الامريكية للحملات البحرية ترتبط أيضا بتشجيع هجرة الفلسطينيين طوعاً إلى أوروبا وهذا ما طرحته إسرائيل ضمن العديد من أهدافها على غزة الصامدة لإنهاء أي سيادة للفلسطينيين على الارض العربية.