19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كلما سمعت أو قرأت اسم "فرعون" تذكرت معه الظلم والبغي والكبر والتعالي والجرأة على الله تعالى، ومقولة: (أنا ربكم الأعلى).وأيقنت مع اسمه أن صاحب الملك على استعداد لقتل الناس جميعا ولو كان فيهم أطفال أبرياء، ولا يتنازل عن عرشه.وتذكرت مع اسمه غباء الشعوب التي تنقاد كالقطيع، وتستسلم صاغرة للراعي حتى وهو يقودها إلى منصّة ذبحها.وتعجبت من درجة السذاجة التي تكون عليها الأمم والتي ترى الكذب الصراح، ومع ذلك تصدقه وتدافع عنه (فاستخفّ قومه فأطاعوه).وتذكرت كيف يسعى الظالم لاستخدام كل الوسائل المتاحة للتضليل الإعلامي وقلب الحقائق من أجل قيادة الشعوب وإخضاعها، وقد كان لفرعون سحرته الذين استعان بهم، كما يستعين الظلمة اليوم بوسائل الإعلام على اختلاف أنواعها.وتأملت مع اسمه بطانة السوء التي تلازم أصحاب الرئاسة، فتشجعهم على الظلم، وتُزيّف لهم الحقائق، وتهوّن عليهم هدر الدماء "وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليُفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك، قال سنُقتّل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون ".ومع اسم فرعون تذكرت ما يصيب بعض أصحاب السلطة من داء العظمة حتى يجعلهم يوقنون بأن الحق لا يكون إلا معهم ، وأنّ الحكمة لا تجري إلا على ألسنتهم (ما أُريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد).وفي المقابل فإنّني مع اسم فرعون أتذكّر أن سقوط الظالم وهلاكه قد يكون أسرع من لمح البصر، وبأن زوال ملكه قد يأتيه من حيث لا يحتسب، وبأنه قد يحفر قبره بيده دون أن يشعر.ومع اسم فرعون أتخيّل تلك الجثة المهمدة، وذلك الجسد بلا روح، والذي جعله الله عبرةً عبرَ التاريخ لكل ظالم (فاليوم نُنَجِّيك بِبَدَنِك لتكون لمن خلفك آية).ولعل هناك تساؤل يطرحه العديد من الناس وهو: بما أن الله تعالى يُملي للظالم فإذا أخذه لم يُفْلِتْه، وأنه تعالى للظالمين بالمرصاد، وبأن دعوة المظلوم مستجابة يرفعها الله فوق الغمام ويقول: وعزّتي وجلالي لأنصُرنّك ولو بعد حين، فمتى يسقط بعض فراعنة هذا الزمان؟والجواب: أن زوال الظلم أمر محتم، وأن انتقام الله تعالى من الفراعنة يقين لا شك فيه، ولكن قد يتأخر السقوط لحكمة يريدها الله تعالى.ولعل منها: أن أهل الحق لم يبذلوا كل ما في وسعهم من جهد وطاقة لمواجهة ذلك الظلم والطغيان.ولعل من أسبابه أن الدنيا ما زالت في قلوبهم، ومازالت الحياة عزيزة عليهم.ولعل قلوب الحق ما زالت معلقة ببعض البشر تنتظر منها الفرج، بدلا من أن تتعلق قلوبهم بالكلية في الله تعالى، وهم بذلك كالعنكبوت التي اتخذت بيتا، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون.وقد يكون السبب أن البيئة المحيطة غير مهيئة لاستقبال أهل الحق بسبب تأثرها بترسبات غرسها فيها حكم الباطل، فإذا ما سقط وجد أهل الحق مقاومة غير طبيعية من المسحورين بماضي الباطل.وقد يكون السبب أن أهل الحق لم تخلُص نيّاتهم بعد لله تعالى في إزاحة الظالم، فقد يكون السبب هو بعض المكاسب الدنيوية، والله تعالى لا ينصر إلا من قاوم الباطل لتكون كلمة الله هي العليا.وقد يتأخر السقوط لأن حقيقة الباطل الزائفة لم تتكشف كاملة بعد أمام الناس، فتظهر الحقيقة الواضحة مع سقوط آخر ورقة توت تستر سوءة ذلك الظالم.وقد يتأخر السقوط بسبب وجود بعض بقايا الخير المتوهم عند الظالم أمام الناس، فإذا زال استحق الظالم نزول العقاب وسقوط الملك.وقد يتأخر السقوط لعدم أهلية أهل الحق للإحلال مكان الظالم، فلعلهم ما زالوا دون مستوى تولي المسؤولية وقيادة المسيرة، لضعف الإمكانات والقدرات والخبرات.ولو تولوا القيادة لافتضح ضعفهم أمام الملأ، ولربما تمنى الناس عودة حكم الظالم مرة أخرى، على أن يعيشوا حالة الضياع والشتات والفوضى.ولعله يتأخر سقوط الظالم لأنه لم يبلغ الغاية في الظلم والجور، فإذا ما وقع في حماقة كبرى، أحل الله تعالى عليه سخطه.ولعل تأخر سقوط الظالم يكون بسبب حكمة الله في أن تظهر معادن الناس، وليميز الله الخبيث من الطيب، ولتتضح حقيقة طلاب الدنيا من الآخرة.نسأل الله تعالى أن يفرح القلوب بسقوط الظالمين، وارتفاع راية الحق والدين، عاجلا غير آجل، قولوا : آمين.