12 سبتمبر 2025

تسجيل

الإرهاب المسكوت عنه

14 مارس 2015

تمييع مفهوم الإرهاب والانحياز به إلى دلالات غير موضوعية تخدم مصالح بعينها لن ينتهي بالقضاء عليه، وإنما يعززه ويحفز بعض الفئات إلى الانتقام وارتكاب أبشع الجرائم، وذلك ملاحظ في المجتمعات الغربية تحديدا التي تتعامل بازدواجية سيئة في رؤيتها للجريمة التي يرتكبها الآخرون الذين يتم تصنيفهم فورا على أنهم إرهابيون، فيما لا يحدث ذلك بالنسبة للجرائم التي يرتكبها أفرادهم.في حادثة مقتل الطلبة العرب المسلمين في جامعة كارولينا الشمالية مؤخرا، تجاهل الإعلام الغربي هذه الجريمة التي تأتي في أعقاب جريمة الصحيفة الفرنسية والتي وجدت بدورها تغطيات واسعة تطورت إلى دراسات وأبحاث، قائمة على إرهاب المسلمين، وتأخر رد الفعل الأمريكي الرسمي على حادثة الطلبة العرب، غير أنه أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي، فأخيرا وصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما الحادثة بأنها "قتل وحشي شائن"، وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإجراء تحقيق في الجريمة. هناك خلل في القيم الغربية وسوء استيعاب للجريمة، ولذلك فإن فكرة أن الغرب هو الذي أنتج الإرهاب جديرة بالاهتمام، فآخر الدراسات أشارت إلى أن أكثر من 90% من الجرائم الإرهابية في الغرب يرتكبها غير مسلمين، وهنا نحصل على ميزان يريدون ميله قسرا بترجيح كفة النسبة الأقل على الأكبر، وذلك غير منطقي ولن يخدم فكرة القضاء على الإرهاب أو مكافحته بصورة مهنية واحترافية، لأن التضليل والتركيز في الموضع الخاطئ لن يقدم تشريحا أو وصفا دقيقا للحالة المرضية، إذ لا يمكن لطبيب أن يجس المعدة لمعرفة ألم في الرأس.إننا في الواقع أمام تراجيديا منطقية تقلب الأمور رأسا على عقب، والجرائم التي يرتكبها بعض المسلمين لا يمكن أن تكون بحجم الدمار الجنائي الذي يوجد في جرائم الغربيين أنفسهم، ولذلك من الضروري أن يستعيد الغرب قدرته الأخلاقية للتعامل مع هذه القضايا من خلال تفكيك التناقض والازدواجية الكامنة في سلوكياته السياسية والاجتماعية، ودون ذلك فإن الجريمة ستتطور ونحصل على مزيد من المرارات والأحقاد والانفجارات الإجرامية، ولا يمكن في الوقت نفسه أن ندفع ثمن رؤية خاطئة واتجاهات مضللة لم تتفق على تعريف الإرهاب لحسابات ضيقة لنحصد كعرب ومسلمين مثل تلك التصنيفات السلبية، ولعل الغرب حين يجد تفسيرا جنائيا مهنيا للإرهاب لا يضع الكيان الصهيوني، الذي يمارس الإرهاب يوميا، في سياقاته الاصطلاحية ينتهي إلى حسم المفهوم الإرهابي، فذلك الكيان هو ما يمنع توافق الغرب على تعريف الإرهاب.