01 نوفمبر 2025

تسجيل

القدوة الصالحة

14 فبراير 2019

الاقتداء بالصالحين من أهم الخطوات للتقدُّم نحو مستقبل مشرق وشباب واعٍ ومُتَّزنٍ في كل أفعاله وأمور حياته. فكلٌّ منا يولد وهو يتطلَّع لمن هو أكبر منه، فيتعلَّم منه كل تصرفاته، ويقلد ويحاكي أفعاله في كل الأوقات على مدار أعمارنا؛ فلا بد من وجود: "القدوة"، و"الرموز الناجحة"، و"المَثَل الأعلى" في حياتنا حتى نستفيد من تجاربهم ونقتدي بهم في أعمالهم الصالحة. فهذه المفاهيم جميعها من شأنها المساهمة الحقيقية في بناء الفرد أو تدميره، "القِدوة" أو "القُدوة" في اللغة تعني الأسوة، وتدل على الشيء الذي تقتبسه وتهتدي به، وقد أخبرنا الله عز وجل بخير قدوة في التاريخ فقال في كتابه العزيز: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21] وهناك فرق بَيِّنٌ بَيْنَ القدوة والقدوة الحسنة؛ فالقدوة لا يُشترط فيها أن تكون حسنةً، فهناك مَن يقتدي بأهل الأهواء من بعض المشاهير، فهؤلاء أصبحوا قدوةً لبعض شباب المسلمين -ولا حول ولا قوة إلا بالله- يقلدونهم في كل أمورهم: ملابسهم، وقصات شعرهم، وحركاتهم، وكل تصرفاتهم للأسف الشديد. وهذا نذير شؤم على المجتمعات المسلمة أن تكون قدوتها ورموزها بهذا السوء وضحالة الثقافة وفراغ المضمون؛ فلا بد أن تُبرِز المجتمعات لأبنائها القدوات الصالحة والرموز الناجحة حتى يرتبط ‏بها أذهان أولادنا ويقدروهم ويحذوا حَذوهم في كل ما هو نافع ومفيد لهم ولأوطانهم. يجب إبراز القدوة الحسنة بدلًا من تلميع أهل الأهواء والشرور من أهل الغرب والشرق حتى أصبحوا قدوة لشباب المسلمين، فمفهوم الاقتداء ذو أهمية كبيرة وتأثير قوي، خاصة في المجتمعات التي لا تزال في طور النمو والتطور. كيف يمكن لمفهوم القدوة أو المثل الأعلى أن يكون مدمّرًا وخطرًا على الفرد والجماعة؟. القدوة الصالحة التي يبحث عنها كل فرد لا بد أن تكون على قدر عالٍ من الكفاءة والمثالية والانضباط والاستقامة. فعلى سبيل المثال يخرج الطفل إلى الدنيا في بداية حياته فيقتدي بأمه ثم أخيه ثم بأبيه ثم بإمام المسجد، ثم بأستاذه وهكذا على مدار مراحله العمرية، فهذه الرموز لا بد من توعيتها وبنائها على الشكل المناسب للاقتداء بها من قِبَل الأجيال القادمة، وخصوصاً مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي. فيجب على كل مَن هو في موضع اقتداءٍ ‏أن يكون على قدر المسؤولية، وأن يصلح من نفسه ويهذبها لأن صلاح النشء متوقف على صلاح قدوته، وصلاح الفرد معناه تقدُّم وتطور على المستوى الفردي ثم ينعكس بشكل أكبر على المجتمع من حوله. فصلاح أفراد كل مجتمع يدعم مصلحة الفرد والمجتمع بشكل كبير، ويجب على المجتمع المسلم اختيار القدوات الصالحة والنماذج المُشرِّفة وتقديرها وتقديمها للنشء للاقتداء بها في مشوار حياتهم. ومساعدة الرموز الناجحة على الاختلاط بالشباب في المدارس والجامعات في ندوات وفاعليات هادفة لشرح تجاربهم الناجحة في حياتهم العلمية أو العملية، فكل هذا يساعد على توعية وتبصير أبنائنا بالقدوة الصالحة التي تنفعهم في دنياهم وآخرتهم. اللهم ارزقنا وارزق أبناء وبنات المسلمين الاقتداء بالصالحين المصلحين، وبارك فيهم يا رب العالمين. [email protected]