31 أكتوبر 2025
تسجيلإن الإنسان التقي النقي الذي يسعى لجلب المنفعة ودفع المضرة يعلم أن عليه واجبا نحو مجتمعه وهو العمل ضمن المجموع والحرص على التعاون على البر والتقوى، فإنما يأكل الذئب الشاة الشاردة الوحيدة، فاتحادنا قوة واختلافنا ضعف، فعلينا أن نسعى لمصلحة هذا الدين ولمصلحة الأمة ونسير نحو جمع الصف ونبذ الفرقة ودرء الفتن عن الأمة فتؤتي ثمارها كما وصفها الباري بأنها خير أمة أخرجت للناس، فإن الاتحاد يقوي الضعفاء ويزيد الأقوياء قوة على قوتهم، فهو وسيلة العزة لهذه الأمة التي يجب أن تعود لعزتها وتستعيد هيبتها بين الأمم، فالأمة تمر في هذا العصر بمرحلة من الهوان والضعف لم تبلغها في أي حقبة من حقب التاريخ الإسلامي، فقد اجتمعت قوى الشر من شرق وغرب فرمت بسهامها عن قوس واحدة تعمل على تمزيق الجسد المتماسك وتفتيت لحمه وتكسير عظامه حتى توههنه فلا يستطيع أن يقوم مرة ثانية ويقف على رجليه، فأصابت الأمة في مقاتل عدة فأوهنت قواها وضعفت كلمتها وذهب ريحها وسقطت هيبتها بين الأمم.إن اللبنة وحدها ضعيفة مهما تكن متانتها وآلاف اللبنات المتفرقة والمتناثرة ضعيفة بتناثرها وإن بلغت الملايين ولكنها في الجدار قوة لا يسهل تحطيمها، لأنها باتحادها مع اللبنات الأخرى في تماسك منظم قوي ومتين، أصبحت قوة لا يستهان بها، وهذا ما أشار إليه الهدي النبوي بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه) متفق عليه، لذلك يجب أن يكون هدفنا الدعوة إلى الاتحاد والألفة واجتماع القلوب والتئام الصفوف والبعد عن الاختلاف والفرقة وكل ما يمزق لحمتنا أو يفرق الكلمة من العداوة الظاهرة،أو البغضاء الباطنة وكل ما يؤدي إلى فساد ذات البين مما يكون سببا في ضعف الأمة ووهن دينها ودنياها، فلا يوجد دين على وجه الأرض دعا إلى الأخوة التي يتجسد فيها الاتحاد والتضامن والتساند والتآلف والتعاون والتكاتف، وحذر من التفرق والاختلاف والتعادي، مثل الإسلام في هديه وشرائعه وقرآنه وسننه، فالاتحاد عصمة من الهلكة، فإن أهم ما يوجبه الإسلام على المسلم من مسؤولية تجاه مجتمعه من إخلاص في العمل ومحبة ومودة لإخوانه يحرص على نفع بلده ووطنه فيقوى به المجتمع ويحس بآلام مجتمعه ويحرص على نفعه ويتضامن مع المسلمين ويتعاهدهم بالرفق واللين سليم القلب والصدر يبتعد عن كل أسباب الفرقة والاختلاف يحرص على ما ينفعه وينفع إخوانه، فينبغي على الجميع في أرجاء المعمورة أن يستيقظوا لما يتعرض له ديننا الحنيف من هجمات شرسة من هنا وهناك بالإساءة إلى الدين ومحاولة تمزيق صفوف المسلمين، فيجب أن نسير على مبدأ أتى به محمد صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام الذي يجب أن نلتف حوله ونتمسك به يقول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) آل عمران:103، فكلما حدثت جفوة أو حصل هجر عدنا إلى الدين وتذكرنا أننا نصلي الصلوات الخمس، فمنهج الإسلام في تربية النفوس قائم على التحابب والتقارب والتآلف ومن هنا فلا تباغض ولا تحاسد ولا تدابر في حياة المسلم الصادق.