14 سبتمبر 2025
تسجيللله در الحسد ما أعدله / بدأ بصاحبه فقتله.. المرض الصاخب، المزعج بلا صوت، القاتل بلا سيف، السلطان السيئ الذي يستحوذ القلب بلا جاه أو مال أو سلطة، بل بالمشاعر فقط، والعاطفة ذات المسار الخاطئ، والطريق السلبي، ناهيك في أنه الذنب الأول على الأرض، به عصى الإنسان الله، عندما قتل قابيل هابيل. إن الحسد في تعريفه الصحيح: هو تمني زوال نعمة المحسود، إن لم يصر للحاسد مثلها، ولعلي لا أتحدث هنا عن الغبطة، وهي التي قد تتخذ طابعًا إيجابيًا، كفطرة وطبيعة في النفس البشرية، ولكن أتحدث عما يعاكس ذلك بشعور مضاد وسلبي، ضار ليس بالنافع. ولعل هذه الصفة البغيضة، هي اللبنة الأولى في خلق جو من التشاحن، وقاعدة ثابتة من الكراهية والحقد، حتى يغرق القلب في الظلام والعدم من الحب، وهي أيضًا العتبة الأولى في سلم الضغينة، التي لا تصل بنا إلا إلى دركات مظلمة، وتيه مطلق، تتنازع الشياطين فيها دقات القلوب، ونظرات الأبصار وحتى الكلمات على حواشي الألسن. ثم إن الذي حسدك في نعمة لا ينفك من الالتفاف حولك، والتطقس عن أخبارك، فالشيء الذي يشعر به أقوى من أن يكون بمنأى عنك، وأعظم من أن لا تتراءى له أيامك وما يحدث فيها. ولأنني أؤمن بأن الحسد لا يأتي من المدارات البعيدة، غير المبصرة لنا ولمحيطنا، فإن الحاسد ما حسد إلا بعد ما اقترب، بعد ما رأى النعمة والحلم والأمنية وكل ما حاك في الصدر فاطلع عليه وأبصره، ولنقص يعانيه، ومرض يلم به، انقلب القرب إلى بغض، كان دافعه الرئيسي وعصاه التي وكزه به، الحسد. وقد يكون حب الظهور، والطمع في الوجاهة، كأن يود في أن يكون في الواجهة والصدارة، وإن نازعه أحد على ذلك، يطغى الشر على الخير، والكره على كل عاطفة أخرى، قد كانت في يومٍ مشاعر جميلة. أو قد يكون الكِبر وهي الخطيئة الأولى التي ارتكبت منذ نشأة الخليقة، أو هو حب الدنيا، أو الحقد.. الخ. وإذا كان لا علاج للحاسد من سقمه، فيبقى العلاج مُتاحا للمحسود، والهدف الذي رُمي بقلب الحاسد وعينه، فلو قلنا ان كل ذي نعمة محسود، فإن ذلك يُعتبر حلاً، أن لا يتم الإفصاح عن كل نعمة نتنعم بها هبة من الله، وأن لا نقرّب كل شخصٍ يحوم في مدارنا، والأهم من ذلك، وهي النقطة الجوهرية، التزام الذكر والورد اليومي، فلا حافظ إلا الله، واستحضار واستشعار الحديث الشريف أن " لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام " وأيضًا: " لا يجتمع في جوف عبد مؤمن الإيمان والحسد ". اللهم إنا استودعناك أنفسنا وأحلامنا وأمنياتنا وأبناءنا وأهلنا فإنها لا تضيع لديك الودائع، اللهم احفظنا من الحسد وكل شر وسوء ما علمناه وما لم نعلمه.