30 سبتمبر 2025

تسجيل

جامعة الدول العربية إلى أين؟

14 يناير 2013

تكتفي جامعة الدول العربية في كل الأزمات والأحداث المأساوية التي مرّت بأمتنا بعقد القمم والاجتماعات والجلسات المغلقة لتخرج علينا في النهاية بقرارات لا تخرج عن الشجب والاستنكار والإدانة! وفي كل أزمة تعصف بالأمة العربية نشاهد مواقف متخاذلة ومخزية لما يسمّى بجامعة الدول العربيّة. وكما هو واضح من اسمها يفترض أن تعمل الجامعة على الجمع والتضامن بين الشعوب العربية وحمايتها وتمثيلها في المجتمع الدولي.الحديث عن جامعة الدول العربية حديث ذو شجون فمنذ تأسيس الجامعة في عام 1945م وحتى يومنا هذا لم نشهد من تلك الجامعة ما يرضي أو يحقق طموح الشعوب العربية في التضامن العربي والوحدة حتى يرجع للعرب مجدهم ومكانتهم بين الأمم الأخرى كما في السابق، فطالما عُرف العرب منذ القدم بالشهامة والحميّة فكان كبار قادتهم من المشهود لهم بالشجاعة والحنكة والحرص على كرامة شعوبهم والتي من أجلها يخوضون أشرس المعارك غير آبهين بالتهديدات الخارجية فكرامة شعوبهم فوق أي اعتبار وأي تهديد، ولكن تلك الأمجاد ضاعت واندثرت بسبب المواقف المتخاذلة للجامعة وصمتها وخنوعها غير المبرّرين أمام المجازر التي ارتكبها الغرب والكيان الصهيوني والفرس في بلداننا العربية. والسؤال الذي يطرح نفسه وبشدّة خاصة في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها الأمة هو ما الفائدة من هذه الجامعة التي بتنا – بسبب مواقفها المريبة- لا نميّز بين الجاني والمجني عليه، فهي لا تحرّك أي ساكن تجاه أي قضيّة من قضايا الأمة وتكتفي بقرارات غير واضحة المعالم.الجامعة أثبتت مع مرور السنوات عجزها وافتقارها للزعامة القيادية وفشلها في حماية الشعوب والبلدان العربية من أي عدوان خارجي- كما ينص ميثاقها- لتتحوّل إلى مجرّد إطار مؤسّسي يخدم مصالح الأنظمة العربية التي لا تكترث لهموم الشعوب المغلوب على أمرها وجل همّها المحافظة على كرسي الحكم، وبعد أن أوهمت الجامعة الشعوب العربية لسنوات طويلة بالدفاع عنها وعن مصالحها ودغدغت مشاعر الجماهير بأحاديثها عن حقوق المضطهدين وبإيهامهم بأنها تسعى نحو العدالة ونصرة المظلومين وخدمة المصير العربي المشترك جاء صمتها تجاه المجازر التي يرتكبها الطاغية بشار وما يحدث في العراق من جرائم على يد الطائفيين وما يحدث للأحوازيين من إعدامات بالجملة ليدق آخر مسمار في نعش ما يسمّى بالجامعة العربيّة.هذا العجز والتخاذل غير المبرّر نتج عنه قتل الملايين من العرب الأبرياء في فلسطين والعراق والأحواز وسوريا وغيرها من البلدان التي كانت تنتظر انتصاراً لقضاياها وشعوبها المقهورة فلم تجد في النهاية سوى الصمت المريب وتجاهل قضاياها ممّا جعل الكثير ينظر للجامعة كونها شريكة في الجرائم المرتكبة طوال السنوات الماضية، فهي مدانة إما بقراراتها المتخاذلة أو بصمتها وخنوعها لقرارات القوى العظمى الطامحة للسيطرة على الشعوب العربية وثرواتها الطبيعية. ونتيجة لتجاهلها لقضايا الشعوب العربية المستقلة أو الرازحة تحت الاحتلال، عانت الشعوب من الظلم والاضطهاد ونهب ثرواتها، فمن يعفي الجامعة من تخاذلها تجاه قضايا الأمة؟ ومن يعفيها من تخاذلها تجاه قضية العرب الأولى " فلسطين" على مدى أكثر من ستة عقود؟ ومن يعفيها من دماء الشهداء الأبرياء في الأحواز وسوريا؟ ومن يعفيها من الصمت أمام احتلال الجزر الإماراتية الثلاث؟ ومن يعفيها ممّا حدث ومازال يحدث في العراق من جرائم يندى لها جبين الإنسانية؟ ومن يعفيها من ضياع سبتة ومليلية والجولان والإسكندرون؟وهل تحولت الجامعة إلى مجرّد إطار مؤسّساتي يضر أكثر ممّا ينفع وبوق من أبواق الغرب؟ خاصة أنها لا تستجيب لتطلعات الشعوب العربية الطامحة للوحدة والدفاع عن مصالحها واسترداد مكانتها بين الشعوب وتتذرّع بكونها جامعة دول عربية، وليست جامعة شعوب عربية! مما يعني على الشعوب العربية الرازحة تحت الاحتلال – كما هو حال الشعب العربي الأحوازي- أن تعتمد على نفسها وبعيداً عن الجامعة وتحرّر نفسها وتؤسّس دولتها المستقلة، ثم قد تتكرّم عليها جامعة الدول العربية بقبول عضويّتها!على جامعة الدول العربية فتح أبواب المؤسّسات التابعة لها كمنظمة الآلكسو للتربية والثقافة والعلوم وغيرها أمام الشعوب العربية التي ليس لها دول - كالأحوازيين والبلوش وغيرهم- تمهيداً لضمها كلياً كأعضاء دائمين أو مراقبين في الجامعة، فالعالم اليوم يتجه للوحدة والتكتل ونحن كعرب أحق من غيرنا بالوحدة فنحن لسنا كالاتحاد الأوروبي الطامح إلى جمع شعوب وقوميات متعدّدة ولغات وعادات وأعراف مختلفة من أجل إقامة مجتمع رأسمالي وسوق كبير لمنتجاته، فنحن بالأساس شعب واحد فصلتنا القوى الاستعمارية بمكائدها وحدودها التي رسمتها بمكر ودهاء ومن خلال أنظمة مستبدة -تحمي مصالح الغرب أكثر من مصالح شعوبها- فنحن نملك اللغة والعادات والتقاليد نفسها ولا يمكن لأي جزء من أمتنا أن ينمو ويحقق أمنه بمعزل عن البقيّة.أحد أهم أسباب ثورات الربيع العربي يكمن في كون الشعوب قد سبقت أنظمتها بالفكر والرأي والانفتاح، بينما بقيت تلك الأنظمة على حالها ولم تغيّر شيئا من أساليبها عدا تطوير أساليبها القمعيّة فقط لا غير، فلماذا لا تفكر جامعة الدول العربية بتغيير أولوياتها والقيام بالإصلاحات الضرورية-خاصة على ميثاقها- والاستجابة لمطالب الشعوب العربية الطامحة لإقامة جامعة تمثل الشعوب العربية لا حكامها قبل أن تجرفها موجة ربيع الثورات العربيّة، فالشعوب العربية لن تسكت طويلاً عن جامعة لا تنتصر للحق ولا تنصف المظلوم؟