10 سبتمبر 2025
تسجيلتألق المنتخب المغربي بمونديال قطر 2022 ليس بوليد الصدفة أو ضربة حظ أو بتشكيل منتخب أغلبيته من اللاعبين المحترفين في أقوى الدوريات الأوروبية والعربية، خاصة من أبناء الجالية الذين زرعت فيهم الأمهات حب الوطن كما برهنت المشاهد الصادقة التي تناقلتها مختلف وسائل إعلام العالم من ملاعب قطر وتغني عن كل وصف، فلا جديد اليوم، دائما النصيب الكبير في تشكيل لائحة الأسود المونديالية للاعب المحترف الذي تعلم أبجديات كرة القدم داخل المدارس الكروية الأوروبية الكبيرة. في مونديال قطر الذي نحب تسميته بمونديال العرب والذي سيظل شاهدا على تألق الكرة العربية والإنجاز التاريخي لملحمة أسود الأطلس غير المسبوقة عربيا وأفريقيا ببلوغ مربع الكبار، يرجع الفضل لإرادة الشعب الذي طالب بإبعاد البوسني وحيد خليلوزيتش ووضع الثقة في ابن الوطن وليد الركراكي وهو الذي كان مؤهلا للمنصب لأنه أتى من تجربة ناجحة مع الوداد المغربي ليس على مستوى النتائج وحصد الألقاب فحسب وإنما أعمق بكثير، على المستوى الإنساني وعلاقته الطيبة مع كل محيط الوداد الذي وحد صفوفه وجعله عائلة واحدة. قبل التقديم الرسمي للركراكي كمدرب جديد للمنتخب المغربي الأول كنت قد كتبت لمعرفتي بوطنية الرجل الكبيرة وبأسلوبه الحماسي منذ كان لاعبا دوليا "دعوا وليد يشتغل بأسلوبه وبفلسفته وبروح العائلة فهو قادر على قيادة الأسود للتوهج والتألق"، ولم أكن أقصد بفلسفته تكتيكه أو طريقة عمله فشواهده التدريبية تتحدث وتشفع له بتولي المنصب، بل كنت أقصد توحيد صفوف المنتخب الذي تختلف اللغات الناطقة لأسوده وقدرته على جعل الجميع يتكلم لغة واحدة لغة الوطنية والتضامن، واستلهام روح العائلة ونبضها الواحد وذلك ما حصل، رغم ضيق الوقت كان أسلوب وليد بلسما للاعبين أعاد الروح وأشعل فيها لهيب الحماس وزادها الوطنية فتألق الأسود وعادت البسمة مع بصمة الفعالية والإضافة لحكيم زياش، نصير مزراوي وغيرهما. وقبل وصول الركراكي إلى مركب محمد السادس لكرة القدم لبداية عمله وصنع مجد جديد للكرة وللمدرب المغربي، كان هناك عمل في العمق للجامعة ( اتحاد ) الملكية لكرة القدم وعلى رأسها الرئيس فوزي لقجع الذي ومع كل إخفاق للمنتخب كان يركز على ضرورة العمل القاعدي وتأهيل جل الفاعلين في اللعبة، مع تبني استراتيجية واضحة على المديين البعيد والقصير، ولأننا شعب هرم من الانتظار وكأس صبرنا مملوء بالإخفاقات لم نفهم خطاب الرئيس المتكرر الذي نجني اليوم ثماره، فبمنظومة كروية واضحة اهتمت بالعمل من القاعدة وبمختلف الفئات العمرية وباحتراف البطولة المحلية نجحت كرتنا ليس فقط على صعيد المنتخب الأول الذي هو دائما مرآة تطور كرة وحتى فكر الشعوب، وإنما بالأندية التي ودعت زمن شرف المشاركة وأضحت تجلب الألقاب الأفريقية، المنتخب المحلي الفائز بلقبين أفريقيين بمدربين مغربين، منتخب كرة الصالات تحت قيادة المدرب المغربي هشام الدكيك الذي حصد الأخضر واليابس، بطل العرب، أفريقيا والقارات، ولم تقتصر إنجازات الكرة المغربية فقط على الذكور لأن الجامعة ( اتحاد ) استثمرت وراهنت على تطوير كرة القدم النسائية فجنت ثمار نجاحها بوصول المنتخب الأول لمونديال السيدات بأستراليا كممثل وحيد للعرب وافريقيا، مشاركة منتخب أقل من 17 سنة في مونديال الهند، وقبلها التتويج بذهبية بطولة شمال أفريقيا ونحاسية الألعاب الإفريقية تحت قيادة المدربة لمياء بومهدي، فضلا عن الوصافة الافريقية في نسخة أمم أفريقيا الناجحة وبشهادة رئيسي الفيفا والكاف التي استضافها المغرب خلال الصيف الماضي، وختاما بتتويج سيدات الجيش الملكي بلقب دوري أبطال أفريقيا. إذن نجاح منتخب وليد الركراكي في قطر الذي يحسب لمدربنا الشاب، هو حصاد لصيف طويل حار وثمرة إرادة ملك وشعب وعمل في العمق لجامعة محترفة بنت أرضية عمل صلبة للمستقبل بعدما مزقت بدراسة وتشريح للوضع والواقع ورقة زمن الفوضى والتسيير العشوائي الذي سبق عهدها.