17 سبتمبر 2025
تسجيلبالنسبة للمؤمن.. الخير يكمن في الشر، فمهما يحدث للإنسان المتوكل على الله من مشكلات ومصاعب ودسائس وآلام، إلا أن الله يجعل في ثناياها الخير مصداقاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما أصاب المؤمن من هم ولا غم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه. يا سلاااام على هذا العطاء. أعرف زميلاً لي اشتكاه آخرون في العمل ظلماً وإجحافا، فما كان من رئيسه إلا أن أعلى درجته وزاد منصبه. تعرض العالم لجائحة كورونا وما فيها من ألم نفسي وبدني وقلق، فاستمتع الناس بالنظام الجديد بالعمل عن بُعد والتقارب الأسري وغيرها من جوانب الخير التي لم تكن لتتحقق بهذه الطريقة إلا بسبب هذه الجائحة. يحكي لي صديق غادر البلاد أثناء الجائحة وظل في أرياف بلده لمدة سبعة أشهر لم ينقطع مرتبه الشهري من وزارة التنمية الإدارية والعمل مطلقاً حتى أطلق عليها مجازاً إجازة الباشاوات. نحن لا نتمنى الشر ولا نتطير من ظواهره أو مدلولاته، إلا أن السعادة والقناعة الحالية تكمن وراء النظرة التي ينظر الإنسان فيها للموقف، فنفس الموقف قد يحدث لشخصين مختلفين؛ أحدهما يتذمر ويتأفف ويشكو باستمرار، والآخر يحمد الله أن حصل هذا الموقف دون أن يحدث أسوأ منه، بالتأكيد أنكم تؤيدون الشخص الثاني، من يتعرض للغيبة وهي شر فإنه يكسب حسنات المغتاب وهذا خير. أم يرسب ولدها في الاختبار وهي لا تعلم أنه لو انتقل إلى المرحلة اللاحقة قد يصيبه شر من جراء أحد أصدقاء السوء. ورجل تعطلت سيارته فلم يخرج إلى الشارع الذي وقع فيه الحادث المروري المروع في نفس وقت خروجه. وآخر كسدت تجارته في البحر وأتلفتها الأمواج ليكتشف لاحقاً أن أحدهم وضع من ضمن البضاعة ممنوعات قد تؤدي به إلى عواقب وخيمة لو وصلت تلك البضاعة إلى الميناء. وكلكم يذكر مواقف كنا نعتقدها شراً من الوهلة الأولى، فيبين لنا الله كرمه بأن هذا الشر فيه كل الخير. قصة الملك الذي كان يريد أن يتسلى مع أحد أصدقائه بالمبارزة بالسيوف، انقطع أحد أصابع الملك فثارت ثائرته واستشاط غضباً لما رأى كثرة الدم، ولما أيقن أن لا أمل في عودة أصبعه المقطوع مكانه، هرول إليه وزيره المقرب الحكيم فقال له: لعله خير يا مولاي، فزاد غضب الملك أكثر وأكثر وأمر الحرس بسجن هذا الوزير فظل الوزير يردد بصوت عال لعله خير وهم يدخلونه السجن. ومع اعتدال الجو أراد هذا الملك التنزه والصيد في الأدغال المحيطة، ذهب هو وبعض حاشيته عميقاً في الغابة، هجمت عليهم قبيلة يحتفلون بعيدهم في تقديم قرابين لصنمهم الذي يعبدونه في ذلك اليوم، فأخذوا يفحصون الحاشية واحداً واحداً ثم يقتلونهم تقربا للإله، ولما جاء دور الملك فحصوه فوجدوا أن له تسعة أصابع مما لا تنطبق عليه شروط القربان فأعتقوه وأخلوا سبيله، ففر هارباً إلى مملكته وسرعان ما ذهب للسجن، وأخرج الوزير نادماً على سجنه، وقال له: يا وزيري الحكيم الآن أيقنت صحة كلامك " لعله خير "فقد أنقذني إصبعي المقطوع أن أكون في عداد الموتى اليوم قرباناً لإله تلك القبيلة. ولكن ؟ لماذا كنت تقول لعله خير وهم يزجون بك في السجن وبقيت أنت شهوراً هنا، أين الخير في هذا؟؟ فرد الوزير: نعم لعل السجن خير، لأنه لو لم أكن في السجن لكنت معك في رحلة الصيد هذه ولكنت حاليا مع الأموات. آخـر الـمـطـاف: ونحن نقترب من ختام هذا العام 2020، ونتأهب للاحتفال باليوم الوطني، يحدو الجميع أمل أن يلم الله شمل الأمة، ويزيل الغمة بكل عزة وأنفة وشموخ. هـمـسـة: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ". دمتم بود. [email protected]