11 سبتمبر 2025
تسجيلوقعت ايران والدول الغربية مؤخرا اتفاقا حول برنامجها النووي. وكان قد مضى أكثر من ثلاثة عقود على العلاقات المقطوعة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بل وعلى العداء وعدم الثقة. واليوم نرى رؤساء دبلوماسية البلدين يجلسون على الطاولة معا للتباحث في البرنامج النووي الإيراني.ذلك البرنامج الذي ظهر إلى العلن عام 2002 . وفي العام الذي يليه وافقت إيران على وقف تخصيب اليورانيوم والسماح لخبراء الأمم المتحدى بتفتيش منشآتها. حيث كانت إيران تملك 164 جهازا للتخصيب ثم أصبحت اليوم تملك 19000 جهاز وتلك الزيادة جاءت بعد موافقة البرلمان الإيراني لحكومة الرئيس السابق أحمدي نجاد على مواصلة تخصيب اليورانيوم عام 2005 . مما جعل مجلس الأمن عام 2006 أن يستصدر قراره رقم 1696 الذي طلب فيه بوقف نشاط التخصيب والذي لم تستجب له إيران، وبناء على ذلك صدر قرار مجلس الأمن 1737 الذي يحظر التكنولوجيا النووية على إيران ويفرض تجميد أموال شخصيات وشركات إيرانية هامة. وعلى أثر تصريح عام 2007 لأحمدي نجاد. باستطاعة بلادة إنتاج الوقود النووي بكميات صناعية. أصدر مجلس الأمن قرار حظر فيه مبيعات السلاح لإيراني وجدد المجلس التأكيد على قراراته في العامالذي يليه. وبرزت عام 2009 محاولة ما يسمى (1+5) المكونة من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائدا ألمانيا للتفاوض مع إيران إلا أنها لم تكلل بالنجاح. والأكثر خطورة إعلان أحمدي نجاد عام 2010 أن بلاده تخصب اليورانيوم بنسبه 20% والذي على أساسه أعلنت منظمة الطاقة العالمية إمكانية إيران في امتلاك قدرات للسلاح النووي.مما استوجب على أثره قيام مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي باتخاذ مزيد من إجراءات المقاطعة.وكانت الجولة الثانية للمباحثات مع الدول الست عام 2011 وقد لقت نفس مصير سابقتها. وأشارت منظمة الطاقة العالمية حينها لاحتمال البعد العسكري للبرنامج النووي الإيراني. مما صعد من إجراءات المقاطعة الأمريكية والأوروبية عام 2012 لتشمل الحظر الأمريكي على معاملات البنك المركزي الإيراني والمقاطعة الأوروبية لصادرات النفط في ظل تكرار فشل المباحثات.ومع حلول العام الحالي تم إعلام إيران لمنظمة الطاقة برفع مستوى تخصيب اليورانيوم في مفاعل ناتانز مما يجعل التخصيب بمعدلات أسرع. والذي من شأنه زيادة مخاطر البرنامج النووي الإيراني. إلى أن وصل السيد روحاني إلى سدة الرئاسة وفتح جولة جديدة من المباحثات حول البرنامج النووي في جنيف.بعد أيام من المباحثات الأخيرة في جنيف والتي امتدت حتى الساعات الأولى من الرابع والعشرين من نوفمبر. استطاعت الدول الست وإيران من الوصول إلى اتفاق مؤقت من شأنه أن يمهد الطريق لاتفاق شامل ونهائي للحد من قدرة إيران على امتلاك السلاح النووي مقابل رفع العقوبات عنها.وقبل ذلك بأسبوعين لم تستطع المباحثات من عقد الصفقة إلا أن إيران حينها اتفقت مع منظمه الطاقة العالمية على حل المسائل العالقة ومن بينها السماح لمفتشي المنظمة الدخول إلى موقعين وهما منجم اليورانيوم بالقرب من بندر عباس المقابل لمضيق هرمز والمفاعل النووي الذي يعمل بالماء الثقيل في أراك جنوب غرب العاصمة طهران. مما أعطى المراقبين الدبلوماسيين مؤشرا أن لقاء 20 نوفمبر يمكن أن تكون له فرص أفضل في عقد اتفاق.لقد حرصت إيران دائما على التأكيد أن برنامجها النووي لأغراض سلمية في الوقت الذي ترى الدول الغربية أن ترك البرنامج من دون الاتفاق المؤقت ليتطور بوتيرته الحالية سيمكن إيران من إجراء اختباراتها النووية.في الصيف القادم. كما أن عدم التوصل إلى الاتفاق المؤقت سيسمح للكونجرس الأمريكي باتخاذ مزيد من قرارات المقاطعة التي ستجعل الاقتصاد الإيراني معزولا بالكامل مما يعيق المفاوضات بمجملها.إن إيران باعتبارها موقعة على المعاهدة الدولية لحظر انتشار السلاح النووي. يستوجب ذلك أن يكون برنامجها النووي متطابقا مع أحكام المعاهدة وهنا تظهر التفسيرات المختلفة لكلا الجانبين. إذ يصرح السيد ضريف وزير الخارجية الإيراني أن البند الرابع من معاهدة حظر انتشار السلاح النووي تسمح بالتخصيب في حين أن كيري يرى أن المعاهدة لا تعترف بحق إيران بتخصيب اليورانيوم.وتبقى منطقة الشرق الأوسط من المناطق الأبرز في العالم التي يخيم عليها الشبح النووي ويشكل لها تحديا حقيقيا والرد المنطقي على ذلك في سبيل أمن واستقرار المنطقة. يتمثل في ضرورة تضافر الجهود الدولية والإقليمية لجعل منطقتنا خالية من أسلحة الدمار الشامل. خاصة أنها مثخنة بالنزاعات وبؤر التوتر والتي لم تحل حتى الآن.كما أن المفقود في المفاوضات حول البرنامج النووي هو الحاجة لتغيير سياسة دول المنطقة وفهمها للأخطار المحدقة. وذلك إذا ما تم استيعابه من شأنه أن يكون أفضل ضمانة لجعل منطقتنا بكاملها خالية من السلاح النووي.ومع ذلك ورغم إدراك صعوبة المفاوضات فالحاجة ملحة لإبقاء قوة الدفع لهذه المفاوضات.