15 سبتمبر 2025

تسجيل

الحرب ضد فساد القضاة

13 ديسمبر 2012

كانت السمة الأساسية المميزة للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي في 21 نوفمبر الماضي، والذي أثار ضجة كبرى لدى قوى المعارضة، هو توجيه ضربة قوية للفساد المستشري في مؤسسة القضاء، من خلال فضح مؤامراتها أمام الرأي العام المصري والعالمي. ذلك أن النص في الإعلان الدستوري على تحصين مؤسسات الدولة المنتخبة في مواجهة رقابة القضاء، ثم تفسير ذلك بأن هناك جهات قضائية تسعى إلى القضاء على الثورة المصرية عبر حل مؤسساتها المنتخبة، كما حدث مع مجلس الشعب وكما كان مقررا أن يحدث مع مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور.. كل ذلك يعني أن القضاء غارق في الفساد الذي أصاب كافة مؤسسات المجتمع خلال الستين عاما الماضية، وبالتالي لم يعد هو تلك المؤسسة التي يمكن الارتكان إليها لتحقيق العدالة، فضلا عن تحقيق أهداف الثورة والحفاظ على مكتسباتها. وقد حقق الإعلان الدستوري مبتغاه في هذا الأمر، حيث دفع قوى الفساد المنتشرة داخل مؤسسة القضاء إلى الخروج من جحورها والإعلان عن عدائها الصريح للثورة ومؤسساتها، عبر اتخاذ عدد من الإجراءات التصعيدية بدعوى الحفاظ على استقلال القضاء من تغول السلطة التنفيذية، من قبيل تعليق العمل بالمحاكم ورفض الإشراف على الاستفتاء على الدستور، فضلا عن رفض مسودة الدستور نفسها، رغم أنها تحقق الاستقلال الحقيقي للقضاء، والذي حرم منه على مدار العقود الماضية. هذه التطورات فضحت قوى الفساد القضائية أمام الرأي العام المصري، وجعلت الكثيرين يدركون أن مؤسسة الرئاسة كانت على حق بالفعل حينما اتخذت تلك الخطوة التصعيدية ضد فساد القضاة، حتى أن كثيرين طالبوا بمزيد من الإجراءات لمواجهة هذا الفساد مثل الدعوة لحل المحكمة الدستورية العليا التي لعبت دورا بارزا في مخططات إجهاض الثورة وتدمير مؤسساتها. وقد شعر القضاة الفاسدون بهذا الفخ الذي أوقعهم فيه الإعلان الدستوري وجرهم إلى فضيحة علنية، ويؤكد ذلك ما تردد من قضاة المحكمة الدستورية خلال اجتماعاتهم التي عقدوها لمواجهة حالة التردي في سمعة المحكمة لدى الرأي العام، حيث فقدت احترام الناس ولم يعد هناك من يعتد بقراراتها ومواقفها، حتى أن أحدا لم يتحرك من المواطنين لمواجهة الحصار الذي فرضه التيار الإسلامي على مبنى المحكمة لمنع قضاتها من إصدار أحكام في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد. كذلك الأمر بالنسبة لنادي القضاة الذي أصبح مثار تندر المصريين، خاصة بالنسبة لرئيسه المستشار أحمد الزند الذي يعد أحد رؤوس الفساد في مؤسسة القضاء، والذي كان دائما ما يقف أمام أي محاولة لإصلاح القضاء. وقد أعلن صراحة عن عدائه الشديد لمؤسسة الرئاسة منذ الأيام الأولى لتولي الرئيس محمد مرسي، وذلك مع مناسبة إصدار الرئيس قرارا في شهر يوليو الماضي، بعودة مجلس الشعب المنحل لحين إجراء انتخابات برلمانية جديدة. لكن بعد الضربة القوية التي تلقاها القضاة الفاسدون بعد هذا الإعلان الدستوري، حاول الزند وفقا لمصادر قضائية مقربة منه أن يتحاور مع مؤسسة الرئاسة بعد أن تأكد أنه خسر الحرب التي يشنها الرئيس ضد الفساد، حيث طلب من الدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة، ترتيب لقاء له مع الرئيس محمد مرسي لعقد صلح معه، إلا أن الرئيس رفض حتى مجرد الرد على هذا العرض. رغم أن الحرب ضد الفساد، خاصة في المؤسسات المهمة مثل مؤسسة الفساد التي تتميز بأنها من المؤسسات الشللية التي يقوم التعيين فيها على أساس شللي وعائلي، يحتاج إلى وقت طويل، إلا أن المؤشرات تدل على أن الرئيس نجح إلى حد ما في ضرب جذور هذا الفساد، خاصة في ظل الدستور الجديد الذي يقضي على الأسس والقواعد التي يعتمد عليها الفاسدون لتمرير فسادهم.