12 سبتمبر 2025

تسجيل

إعلان ليس متأخرا عن البهجة

13 ديسمبر 2010

المشهد الأول: عصر يوم الأربعاء قبل الماضي كنت أتابع على جهاز الكومبيوتر بعض مواقع الأخبار حتى يتسنى لي معرفة ما جرى لملف قطر لاستضافة مونديال 2022 وفجأة لمحت نبأ عاجلا عن التصويت لصالح هذا الملف فتركت كل ما كانت تتابعه عيناي وركزت على هذا النبأ لأحصل على المزيد من اليقين خاصة أنني كنت أعلم أن ثمة منافسة شديدة الوطأة من دول كبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي كانت تشكل المنافس الخطير لملف قطر إلى جانب كوريا واليابان وأستراليا وبعد مضي ثوان من ذهول المفاجأة اجتاحني اليقين بالفوز فتركت الكومبيوتر لأتابع شاشة الجزيرة والتي كانت مازالت تنقل وقائع الفوز على الهواء فأعلنت على الملأ في منزلي وربما بحماس لم تعتده منى أسرتي: قطر فازت يا بنات وعلى الفور احتشدن حولي مع والدتهن ليتابعن الوقائع على الجزيرة والتي كانت قد بلغت نهايتها وفي رد فعل سريع سكنت البهجة وجوه أسرتي والتي قضت ما يزيد على السبعة عشر عاما في الدوحة بصحبتي وولدت الابنتان الأخيرتان فيها وهما "شروق وأريج" وللحقيقة كانتا الأكثر غبطة وفرحا بل إن البنت الأصغر -أريج - التي يقيم بوجدانها حب قطر إلى تقبيل شاشة الفضائية القطرية وهى تبث وقائع الفوز المشهد الثاني: خلال متابعة وقائع الفوز شدني هذا المشهد التلقائي لسمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بعد أن أعلن "جوزيف بلاتر" رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم بمدينة زيوريخ السويسرية نبأ حصول ملف قطر على أعلى الأصوات بفارق هائل عن الملف الأمريكي وهو يسرع إلى نجله الشيخ محمد المشرف على الملف ليقبله ويحتضنه مثل أي والد يهزه تفوق ابنه وأظنه لم يعر للجوانب البروتوكولية أي اهتمام في هذه اللحظة فهي استثنائية ونادرة في لحظات القادة خاصة هؤلاء الذين يتمتعون بحس إنساني شديد العمق مثل سمو الأمير ولم يكن الابن محمد أقل حماسا فقد اندفع إلى حضن والده الزاخر بالدفء الأبوي في تلك اللحظة ليسكن فيه ودموع الغبطة حاضرة بقوة في عينيه فهو أراد أن يقول لوالده: هاأنذا أثبت أنني كنت جديرا بثقتك فأنجزت ما وعدتك به بعد أن عملت مع فريقي بكفاءة وأظن أن هذه اللحظة التي أحتضن فيها الوالد ابنه كانت الأكثر قدرة على النفاذ إلى المشاهدين في مختلف أرجاء المعمورة ثم توالت بعدها اللحظات الإنسانية فقد اندفع بنفس القوة لاحتضان والدته سمو الشيخة موزا والتي كانت تتابع بقلق الأم -فضلا عن قلق زوجة الأمير الأب- نتيجة التصويت وكان لافتا دموع الابنة الشيخة هند سكرتيرة والدها سمو الأمير والتي تدفقت ابتهاجا بفوز الوطن ونجاح شقيقها بهذا الملف وبالطبع كانت اللحظة بكل تجلياتها التي شارك فيها معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والشيخ جاسم بن حمد والكثير من أعضاء الملف القطري عاكسة الشعور بالقدرة على مواجهة التحدي الذي فرضه تقدم دولة صغيرة مثل قطر لمنافسة دول أكثر تقدما وإمكانية وقدرة ومن هنا كانت قيمة وجدوى البهجة التي علت وجوه الجميع في زيوريخ أو الدوحة في ذلك اليوم المشهد الثالث: تجلى فيما تابعته من فيض مشاعر الفرح والتي تجسدت في خروج الآلاف إلى الشارع لأول مرة ابتهاجا بقرار الفيفا فور إعلانه والذي كانت تتابعه شاشات تليفزيونية ضخمة منتشرة في مختلف أنحاء البلاد ووصل هذا الفيض إلى مداه بعد وصول البعثة عن الملف القطري إلى الدوحة قادمة من زيوريخ المدينة السويسرية التي تحتضن مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم واحتشد المئات حول السيارة التي حملت الشيخة موزا بنت ناصر حرم سمو الأمير والسيارة التي حملت نجلها محمد بن حمد وأعضاء البعثة وهو مشهد لم تكن الدوحة معتادة عليه واللافت أن هذا الفيض من المشاعر الزاخرة بالبهجة لم يقتصر على القطريين فقط وإنما تدفق أيضاً من الوافدين من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية على نحو وحد مظاهر الفرح في ظل نظم عمل لا تفرق بين أبناء الدولة وغيرهم من القادمين من الخارج المشهد الرابع: رصدته خلال مشاركتي في متابعة وقائع القمة الخليجية الواحدة والثلاثين بأبو ظبي يومي السادس والسابع من الشهر الحالي فقد استقبل قادة دول مجلس التعاون سمو الأمير بحفاوة غير معهودة وكانت فرحتهم طاغية بما حققته دولة عضو بالمجلس بهذا الفوز الذي أدهش العالم فقد خصه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد والذي كان المتحدث الرئيسي في الجلسة الافتتاحية للقمة مساء الاثنين الماضي بقصر الإمارات الشديد الضخامة بتهنئة خاصة من قادة دول المجلس وللشعب القطري الكريم مشيدا بهذا الإنجاز الرياضي والتاريخي الذي حققته دولة قطر وأعتبره إنجازا رياضيا ليس لدولة قطر وحدها وإنما لكافة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وللدول العربية والإسلامية لافتا إلى أن قطر بما تتمتع به من كفاءات عالية في تنظيم مثل هذه البطولات الرياضية الدولية قادرة على تحقيق النجاح في استضافة هذه البطولة وتحقيق أهدافها وتابعت من بعيد نشوة الانتصار مرسومة على قسمات الأمير الذي كان يتلقى التهاني من أشقائه القادة ورؤساء الوفود كان يروي لهم طرفا مما جرى في زيوريخ كان مسكونا بمعاني الانتصار والتي في مقدمتها أن الحصول على أي إنجاز ليس مرهونا بحجم الدولة أو عدد سكانها وإنما بما تمتلكه من إرادة وتصميم وقدرة على الفعل وما لفت انتباهى وعزز شعوري بالاعتزاز أن القيادة القطرية لم تشأ أن تجعل من الفوز بشرف تنظيم مونديال 2022 حالة وطنية تخصها هي فحسب وإنما وظفته ضمن سياق انتمائها للأمة العربية فبعد إعلان الفوز بدقائق سارع سمو الأمير قطر إلى القول بأن يوم فوز بلاده بهذه البطولة هو يوم للعرب وهى لفتة ذكية منه للرد على القائلين بأن قطر دولة صغيرة سواء من حيث المساحة أو السكان وكأن لسان حاله يقول لبعض الدوائر التي شككت في إمكانية قدرة قطر على الفوز بتنظيم هذه البطولة الدولية إن ثمة عمقا استراتيجيا يقف خلفها بالدعم والإسناد قوامه أكثر من 350 مليون نسمة و21 دولة تضم مساحة هائلة تمتد من المحيط إلى الخليج السطر الأخير: عانقت صوتك أنفاسك البعيدة القريبة فسكنتني الفراشات المحملة بألوان قوس قزح أيا مسافرة ومقيمة بوجداني اجتاحني الوجد إليك تمنيت اختصار المسافات واختزال الرؤى ما زلت عاشقا باحثا عن رحيل لمدن بهائها وإقامة أبدية بحدائق عينيها