11 سبتمبر 2025

تسجيل

خطاب الأمير على طاولة الرئيس (4)

13 نوفمبر 2015

من القضايا التي ركز عليها سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني في خطابه أمام أعضاء مجلس الشورى "محاربة البيروقراطية"، حيث قال "من الضروري إزالة العقبات البيروقراطية من طريق الاستثمار. ولاسيَّما بعض الإجراءات التي أصبحت مجرد عثرات تعوق العمل. وينطبق ذلك أيضا على بعض الازدواجية بين الوزارات، وكثرة التغييرات في الإجراءات والمعاملات والنماذج اللازمة والتراخيص، مما يربك المواطن والمستثمر المحلي والأجنبي. لن يقدم كثيرون على الاستثمار، إذا طُلِب من المستثمر كل يوم تعبئة نموذج جديد، وترخيص جديد؛ وإذا تغيرت الشروط عدة مرات خلال تقديم الطلب. لابد من توحيد إجراءات الوزارات للمواطن والمستثمر من خلال نافذة خدمية واحدة قدر الإمكان".ولكن لماذا أعلن الأمير الحرب على البيروقراطية، وماذا يعني هذا المصطلح الذي أصبح متداولا بشكل كبير في أيامنا هذه، إن مصطلح بيروقراطية "ينتمي للعلوم السياسية والاجتماعية، ويشير إلى سلطة الموظفين وتطبيقهم القانون بالقوة في المجتمع الوظيفي، وعادة ما يكون تطبيق وتوزيع السلطة حسب السلم الإداري أو بطريقة هرمية. تتصف البيروقراطية والبيروقراطيون بالروتين، وبطء التنفيذ، والتمسك بحرفية القواعد والجمود، مما يصب في عرقلة شؤون المواطنين، ويزيد في ذلك كثرة الموظفين، وتعرف البيروقراطية على أنها المغالاة في التمسك بحرفية القواعد وشكليتها، وتعني أيضاً نظام الحكم القائم في دولة ما يوجهها كبار الموظفين المهتمين ببقاء نظام الحكم لارتباطه بمصالحهم الشخصية. حيث تنتهي معها روح المبادرة والإبداع وتتلاشى فاعلية الاجتهاد المنتجة، ويسير كل شيء في عجلة البيروقراطية وفق قوالب جاهزة، تفتقر إلى الحيوية".لقد كان سمو الأمير واضحا وحاسما بأن "البيروقراطية" تعوق العمل لأنها تعقد حياة الناس، من كثرة الإجراءات، غير المعقولة، سواء كان ذلك في الاستثمار أو الخدمات العادية للناس، فمثلا قد ينتظر الحصول على ترخيص بهدم بناء عاما كاملا، وقد ينتظر الحصول على رخصة بناء عاما آخر، وقد تنتظر شهورا طويلة من أجل الحصول على الموافقات المطلوبة من أجل فتح مصلحة تجارية أو خدمية.أما على المستوى البيروقراطي في الخدمات التي تخص الحياة اليومية فإن الزيارة إلى المستشفى تثير الغثيان من الحالة البيروقراطية التي تهيمن على المكان، مما يزيد من مرض المريض بدل علاجه.ما قاله الأمير على البيروقراطية صحيح تماما، فهناك تمسك بالشكليات والحرفية مما يعوق تقدم الدولة وخدماتها واقتصادها، وهذا ما يقود إلى تشكيل طبقة من "كبار الموظفين"، القاتلين للإبداع والحيوية والمرتهنين إلى قوالب جاهزة، وقد تحدث صراحة عن الظواهر السلبية والترهل وعدم المحاسبة على الأخطاء واستخدام المال للتغطية على الفشل، والاتكالية على الدولة، "مما يقل من دوافع الفرد للتطور والمبادرة"، وهي قراءة ينبغي أن تكون محل نظر من قبل الحكومة، بما يؤدي على معالجة الظواهر السلبية التي تحد من تقدم قطر إلى الأمام ويضعها في مصاف الدول المتقدمة من الناحية الإدارية والخدمية، ويقضي على الروتين والبيروقراطية والتحكم الجامد من قبل "الموظفين الجامدين" بحياة الناس.