17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا يدهشنا أن نرى "الرئيس" يصادر أحد "مماليكه" فدولة المماليك محض سلطة عسكرية، قوامها القوة التي لا يتوقف فتكها عند حدود، لا تعترف بالصداقة، ولا بالمشاركة، ولا تقبل إلا بولاء الخدم والعبيد، ولم لا، وأركان السلطة أنفسهم من العبيد الذين كانت قيود النخاس جواز مرورهم إلى مناصبهم، وحلقة البيع في السوق بوابة العبور إلى قصور الحكم!ولا أمان حتى لأصحاب المناصب "العمال" في هذه الدولة، فهم ـ خاصة في أزمنة انحطاطها ـ كلاب صيد يأخذ بها السلاطين ما في أيدي الناس من أموال، وبرغم أن السلطان يحصل على "نصيب الأسد" فإنه ـ في كثير من الأحيان ـ يطمع فيما لدى عماله من أموال، وهنا "ينكبهم" أي ينزل بهم النكبة باعتقالهم وسجنهم في "المقشرة" وحسبك بالاسم وحده دلالة على سوء المصير، و"يقررهم" أي يعذبهم ليقروا (ليعترفوا) بما تحت أيديهم من أموال، والأماكن التي يخفونها فيها، ثم يصادرهم (يستولي على أموالهم).ومن صنوف التعذيب: "العصر" أي ربط الكعبين بالحبال الغليظة والاستمرار في شدها حتى تتفتت العظام، وكذلك عصر الصدغين حتى تسيل العينان على الوجه. ومنها: الجلد، والضرب، والتعرية، والتسمير (أي دق المسامير في اليدين والرجلين لتثبيتها في خشبة). ويستمر "العامل" تحت التعذيب حتى يقر بمكان ماله، وكثيرا ما كان العمال يفضلون الموت على الاعتراف، خاصة إذا أدركوا أنهم ميتون على أية حال. وقليلا ما كان العامل "يتصالح" مع السلطان على بعض المال، وكان التصالح يحتاج ـ غالبا ـ إلى شفيع وضامن.يقول "ابن إياس" في تاريخه المعروف بـ"بدائع الزهور في وقائع الدهور": في 19 (من شهر رمضان سنة 917هـ) تغير خاطر السلطان (قانصوة) على القاضي أبي البقاء ناظر الإسطبل، ومستوفي الخاص (منصب مالي كبير يلي ناظر المال ـ وزير المالية ـ من حيث الأهمية) فوضعه في الحديد، وعراه من أثوابه، وكشف رأسه، وكان ذلك في قوة البرد، فسلمه إلى الوالي في ذلك اليوم ونزل من القلعة، وهو ماشي عريان مكشوف الرأس في الحديد، وحلف السلطان بحياة رأسه أنه لا يلبس أثوابه ولا عمامته حتى يغلق (يسدد) ما قرره عليه من أموال، ورسم للوالي (أمر الوالي) بأن يقعده على البلاط من غير فرش.