14 سبتمبر 2025
تسجيلإن الحق سبحانه وتعالى أمرنا بالتحلي بحسن الخلق، فالدين سر بينك وبين الله، أما الدنيا فهي للناس جميعا مسلمهم وكافرهم غنيهم وفقيرهم صغيرهم وكبيرهم رجالهم ونساؤهم، الكل فيها سواء، لذا نهى عن أذية البشر لعظم حرمة المسلم؛ ولأن ذلك يفضي إلى وقوع العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع ويؤدي إلى انتشار الكراهية والبغض بين الناس وزعزعة الأمن الاجتماعي وقطيعة الرحم وانصرام حبال المودة بين الأهل والأقارب، لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعهد قلوب المسلمين فيغرس فيها غرسات الوفاء التي تحقق التكامل والترابط بين أفراد المجتمع، فعند ذهابي للعمل في الصباح الباكر والكل يتسارع ويخترق الآداب العامة في قطع الطريق من الجانب الأيمن أو يخترق إشارات المرور يمنة ويسرة ولا يبالي بشعور الناس الذين يصطفون في صفوف طويلة ضاربين بشعور الناس عرض الحائط، فهدي الدين كثيرا ما يكون وسيلة لتحقيق الإيمان والسلام النفسي، وهو إيمان وأخلاق وعمل صالح، وهو الطريق إلى سيطرة العقل وإلى المحبة والسبيل القويم إلى القناعة والارتياح والطمأنينة والسعادة والسلام، فالمسلم الحق خلوق مهذب يراقب ربه ويحكم ضميره في احترام مشاعر الآخرين ومحارمهم، فالطريق مرفق عام وهو ملك للناس جميعا، ولو اعتبر كل إنسان الطريق جزءا من بيته لحافظنا عليه، من هنا فإن الإسلام يحثنا على الالتزام بآداب السير في الطريق، باعتبارها مسؤولية جماعية وتعاون على البر والتقوى والفلاح والنجاح في الدنيا، فالمسلم لا يصدر عنه فعل قبيح يؤذي به الناس، بل تجده يحرص أشد الحرص على التحلي بحسن الخلق ونفع الناس.فكما يؤجر المرء على فعل الطاعات وبذل المعروف كذلك يؤجر على كف الأذى وصرف الشر عن المسلمين؛ لأن ذلك من المعروف وداخل في معنى الصدقة، وخاصة احترام الطرق وكف الأذى عن المارة، ما يسبب لهم حرج والإيذاء للناس والمارة في الطرقات، يشمل كل أذى حسي ومعنوي، ومن يؤذي المسلمين ويتهاون في هذا الأمر تهاونا شديدا سوف يكون له عذاب شديد والباعث على الاستخفاف بحرمة المسلم والتساهل في إيذاء المسلمين ناشئ عن الجهل وقلة الوعي وبلادة الطبع وقد تكون البيئة عاملا مؤثرا في تكوين هذه الشخصية الغير سوية، ولا شك أن تربية الأسرة عامل مؤثر أيضا على سلوك الفرد والتخلق به فترى من الأبناء من يركب سيارته ويسعى في الأرض فسادا مزعجا مؤذيا للناس أو السخرية والاستهزاء بالمارة، متناسيا هدي النبي في احترا الطريق وكف الأذى عن عباد الله.إن إيذاء الناس ورد فيه وعيد شديد وعقوبة أخروية، بل وإنهم يحتملون إثما وبهتانا عظيما، لذا فإن الخلق الحسن سجية أصيلة في الإنسان المسلم يتربى عليه ويتدرب من خلال دينه على مكارم الأخلاق التي ترفع منزلته في الدنيا، فيكون له القبول في الأرض ويكون محبوبا بين الناس وترجح كفة ميزانه في الآخرة ويكون كالنخلة التي يرميها الناس بالحجارة فترميهم بالثمار، فيتحلى بالإخلاص العميق لله تعالى وبثبات هذه الأخلاق وديمومتها فيه، مهما تقلبت الأيام وتغيرت الأحوال ذلك بأنها صادرة عن وجدان حي مرهف يستحي من الخلق السيئ ويجتنبه ويعلم أن الله عز وجل مطلع على الخفي من الأسرار فيستحي منه، قبل حيائه من الناس المطلعين على الظاهر من أخباره، وهذا الحياء من الله هو مفرق الطريق في أخلاق المسلم، والتي ينبغي على الجميع التأدب بها والالتزام بمبادئ الدين الحنيف وقيمه فبتحققها يرقى المجتمع ويتقدم، فالطريق ملك لكل الناس والجميع لهم حق الانتفاع لا يجوز لأي انسان أن يقف في طريق أو مكان عام يراقب المارة ويتكلم عليهم ويضايقهم ويلمزهم ويؤذيهم بكل قبيح مما يؤثر على راحتهم وسعادتهم.