10 سبتمبر 2025
تسجيليُقال ان كل ما ليس بشعرٍ فهو نثر، وقد أشار "طه حسين" الى أن النثر نوعان: أحدهما ما يدور في الكلام المألوف عند معاملة بعضنا بعضًا في البيع والشراء وفي الأسواق، ومحادثة الناس والأصحاب، وهذا لا يعنى بالأدب، وليس له أية قيمة أدبية. والنوع الآخر، هو النثر الفني، إذ هو كل ما خضع لقوانين معينة، بأفكارٍ معروضة عرضًا جيدًا، بصياغة جذابة، وسبك ممتاز، وأن أيضًا يكون جاريًا على قواعد النحو والصرف. ومن الفنون المدرجة تحت النثر الذي هو غصن من أغصان شجرة الأدب،، " فن الأمثال ". والأمثال في اللغة: هي مناظرة الشيء بشيء آخر، وهذا مثل ذاك، أي نظيره وقرينه، وقد عرّفه الفارابي إذ قال " المثل ما ترضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه، حتى ابتذلوه فيما بينهم، وفاهوا به في السراء والضراء، واستدروا به الممتنع من الدر، ووصلوا به إلى المطالب القصية، وتفرجوا به عن الكرب والمكربة، وهو من أبلغ الحكمة، لأن الناس لا يجتمعون على ناقص أو مقصر في الجودة، أو غير مبالغ في بلوغ المدى في النفاسة " ومما لاشك فيه، أن المثل إرث لفظي، وتاريخ في فحواه ومعناه، ولا تكاد تخلو منه ثقافة، على مختلف المجتمعات العربية والأعجمية، لتميزها بالخفة في التعبير، والخبرة والتجربة، إذ أن البشرية منذ القدم، قد تتعرض إلى ذات الحوادث، وذات المواقف، والإحساس، وردات الأفعال. وقد قسم العرب الأمثال إلى قسمين "أمثال حكمية" و"أمثال مبنية على الحوادث"، فالحكمية مما تناقله الناس وروتها الأمم من بعدهم، أما الأخرى فهي التي نتجت عن موقف أو حادثة، ثم إنها جرت على حواشي الألسن. ولعل أغلب كبار السن يرصعون أحاديثهم بالأمثلة، كاستدلال أو على سبيل النصيحة، وقد يستعملها أيضًا الشعراء كنقاط قوة في القصائد، بيد أن للأمثلة معارضيها، تماماً كما أن لها من يتداولها دائمًا. إذ تقول جماعة ان الأمثال قد تعطل العقل البشري، وتحد من خبرته، فهي تمنع الإنسان من أن يخوض تجارب جديدة، بروح أخرى، في زمن آخر. فالأمثال — من وجهة نظرهم — بكل ما تحمله من معرفة، ويقين، وتجارب سابقة، قد يستند اليها الشخص، دون أن يتوغل في الحياة، إذ تصبح مبادئه هي ذاتها مبادئ أصحاب المثل، شخصيته مطبوعة من شخصيتهم، ولكأنه نُسخ من الزمن البعيد، ليعيش بذات العقلية التي مضت، على الرغم من تغير الحياة، وتلون أيامها، فهي إذًا أشكال لفظية تعبيرية لا يمكن أن يعوّل عليها في الحكم وفي الجزم، فلكل زمن ظرفه، والإنسان بطبعه ديناميكي متغير، وليس ستاتيكيا ثابتا. ولكننا نقول كما يقول المثل " هي الحياة " بآرائها المختلفة، ووجهات النظر المتضادة، وعلى الرغم من منطقية أولئك المعارضين، إلا أن الأمثال لها رونقها في الحديث، وجمالها في التعبير وعمقها المعنى.