30 أكتوبر 2025

تسجيل

قاوم نقاط ضعفك

13 أكتوبر 2022

تحمل النفسُ البشريَّة فيضًا من الصفات المختلفة التي تمثل النواة الحقيقيَّة لتكوين الإنسان؛ ففي تلك النفس فطرة ربانيَّة تحمل كل صفة وضدها، فأيّما اخترت وغذَّيت ودعَّمت ونمَّيت تلك الصفة كنتَ من أهلها وسارت سجيَّة لك وعلامة. ففي أصل الخلق، كلنا نحمل بفطرتنا الخير والشر، ولكن الله ترك لنا الاختيار؛ لأننا مكلفون ومحاسبون، فلا بُدَّ من أن يكون الدافع من داخلك نحو الخير والصواب حتى تتقدَّم في الدنيا وتنجو في الآخرة. فالله تبارك وتعالى في العموم خلق الإنسان ضعيفًا، لكنه سبحانه قال: «وهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ» (البلد: 10). «النجدين»: طريقا الخير والشر، وقيل: هما طريقا الحق والباطل. وكذلك قال تعالى: «إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا» (الإنسان: 3). فهناك نفس تقوى لديها صفات الخير فيدعمها صاحبها ويستغلَّها أحسن استغلال ويوجهها في مرضات الله فنرى من تلك النفس العجب العجاب من الطهر والنقاء والتقوى والسكينة والسير في دروب الخيرات بشتَّى أنواعها وأشكالها، فهنيئًا لهؤلاء دعمهم الخير بداخلهم حتى خرج إلى الواقع من حولهم فأثَّر فيه وعمَّ نفعه وفائدته. وعلى الجانب الآخر، تحمل النفس نقاط ضعف إذا استسلم لها الإنسان أصبح أحطَّ من الحيوان؛ لأنه انساق وراء جانب الشر بداخله ولم يردعه الشرع ولا الأخلاق ولا المجتمع، فصار بكل أسف أقل شأنًا من الحيوانات لأنها خُلقت بلا عقل. أما الإنسان الذي سار في طريق الشر ومضى فيه بعقله الذي ميَّزه الله به عن الحيوان فلا يمكن لصاحب عقل أن يرمي بنفسه في مستنقع الشرور والآثام؛ لذلك كان حثُّ الشريعة دائمًا مبنيًّا على تهذيب النفس وتقويمها باستمرار حتى تستقيم على الخير والحق. فقَالَ الله تَعَالَى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ» (آل عمران: 102)، وَقالَ عز وجل: «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (التغابن: 16)، وقال سبحانه: «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (هود: 112). وقد أوصانا رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) بِحَثِّ النفس على الخير في مواضعَ كثيرةٍ، منها ما صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «المؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك واستعِن بالله ولا تعجز». •فأوصي نفسي واياكم بالحرص على تهذيب النفس باستمرار، فليس من المستحيل أن تتفوَّق على غيرك بل وتسبقه في الطاعات والنجاحات، فإذا أصابت النفس بعض أوقات الفتور أو الضعف فهذا ليس معناه أنك شخص ضعيف، بل عليك فقط استعادة مكانتك بالاستعانة بالله ثم بالنهوض بنفسك وترميمها والعودة إلى نقاط قوتك وتحفيزها والعمل عليها حتى تستعيد مكانتها وتكون شعلة نشاط وحماس فترتقي بصاحبها في شتَّى جوانب حياته فتستقيم عبادته وتقوى، وكذلك تقوى قدراته في العمل وتنمو مهاراته وتزداد إنجازاته بفضل الله ثم بمجاهدته لنفسه والعمل على جوانب الخير فيها والصبر والمثابرة، والممارسة المتعددة للأشياء النافعة والمفيدة تجعل النفس تألفها وتعتادها، فعوِّدْ نفسك الخير تنمُ بداخلك واحةٌ من الخيرات. • وتُعدُّ التوبة النصوح وملازمة الاستغفار والصحبة الصالحة ومجالسة أهل العلم ومتابعة أهل الصلاح والفلاح حتى في وسائل التواصل الاجتماعي من أهم مقوِّمات تطوير نفسك والنهوض بها. ثُمَّ عليك بطرد وساوس الشيطان، فلا ينال من عزيمتك وإرادتك وحرصك على التغيير من نفسك والارتقاء إلى الأفضل. •وبعد هذا كله، ضع نصب عينيك أهم نقاط قوتك ومهاراتك وهواياتك النافعة واعمل عليها بجد واجتهاد وثق بالله ثم بقدراتك ولا تكثر من لوم نفسك بالفشل والانتكاس؛ فهذه بدايات كل نجاح وازدهار، فلا يأتي التفوق دون عقبات في الطريق، والإنسان القوي يتغلَّب على الصعاب ويتجاوز العقبات ويكمل نحو القمة. استعِن بالله ولا تعجز، كما أخبرنا النبي (صلى الله عليه وسلم). • ‏نسال الله أن يغفر لنا جميعاً ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ويستر عيوبنا ويثبتنا على الدين الحق وقول الحق وفعل الحق، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم جميعا من أهل الخير والصلاح والفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.. اللهم آمين.