11 سبتمبر 2025

تسجيل

من قيم الهجرة حب العطاء

13 أكتوبر 2016

إن الشخصية الإسلامية في أمس الحاجة إلى بلورة أوامر الدين وشرائعه ومعرفة هذه القيم وتقديمها على أساس متين من العقيدة الإسلامية، ويأتي ذلك من خلال سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام الذين ترابطوا برباط الحب في الله وحب العطاء، فبالحب الراسخ والتقدير البالغ اللذين أودعهما الله سبحانه في قلوب أهل المدينة نتيجة إيمانهم الصادق بالله ورسوله ، وانطلقت هذه الأنشودة الربانية من أفواههم عندما طلع عليهم الرسول الكريم بوجهه البهي الذي أنار أرجاء يثرب ، فتنورت منذ دخوله إليها وحلوله في رحابها، فالمجتمع الإسلامي يشعر بالآخرين بمن هم حولهم الذين يحتاجون الى الرعاية والى الشعور بالعطاء ومهما كان العطاء الأولى أن يكون مفيدا لهم ، فالعطاء من الممكن وصفه أنه القلب الذي يعطي من دون مقابل ، فما أجمله من شعور للذي يعطي قلبه فيشعره أنه يؤثر على من حوله وللشخص الذي يمنح هذا العطاء يشعر بالأمان والراحة ، ياليت تعلمنا من صغرنا العطاء من خلال هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم عندما أرسلت كلمات الترحيب وعبارات التهاني بالقدوم للمدينة، فالكلمة التي تدخل إلى القلب تكون صادرة عن القلب والكلمة التي تتبخر قبل أن تتجاوز الآذان تكون صادرة عن اللسان ذاك أن الكلمة الصادرة عن القلب تخرج مصحوبة بمشاعر المتكلم ، فيتأثر السامع بفحوى العبارة ويستشعر منها إيمان أصحابها. لقد جاء اليوم المؤمل حقا واستجاب الله لنبيه وصحابته الكرام بخلاصهم من إيذاء أهل قريش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل المدينة وقد ازدانت أرجاؤها بمظاهر البهجة والاحتفال وعمت جنباتها أضواء المشاعر تنعكس وهاجة على وجوه أصحابها وتتلألأ سرورا على حياة أهلها، المدينة كلها في عرس بالزغاريد تترنم الأفواه وبالأناشيد تصدح الحناجر وفوق ظهور الخيل يندفع الفرسان وعلى درب الموكب يزحف الرجالة، الجميع يحتفون بالوافد العظيم ، لذلك توجه اهتمام الهدي النبوي إلى تنظيم صفوف المسلمين وتوكيد وحدتهم للقضاء على كل ما يمكن أن يثير العداوة القديمة بينهم ، وقد اتخذ الرسول أساسا لهذا الأمر وحدة العقيدة الإسلامية التي تجمع بين المسلمين كافة من المهاجرين والأنصار وتؤلف بينهم ، ولذا لا بد من أن تمتلك العقيدة نفس الإنسان حتى يندفع المؤمن بها إلى العمل في ظاهر الأمر وباطنه وفي صغيره وجليلة وفيما يتصل بشؤون نفسه وشؤون غيره ، سواء في ذلك قريب الناس أو بعيدهم عنه ، لأنه يكون العضد له مما يوجب تكريسها ونشرها في سبيل النفع المرتجى منها لجميع الناس ، فنجد مآثره الرائعة في دعوته المسلمين لترجمة العقيدة إلى واقع عملي رآه صلى الله عليه وسلم بتآخيهم في الله حتى يكون لهذا التآخي أثره الفاعل حقا في أموالهم ومعاملاتهم ، بل وفي كافة شؤون حياتهم ، فهو من الناحية العملية يعزز في نفوس الأنصار شعورهم بالمسؤولية تجاه إخوانهم المهاجرين، إنها لهجة التقرير والحزم من النبي الإنسان ولذلك كانت الاستجابة من الأنصار صادقة عندما أعلنوا عطاء لا ينضب، فالعطاء من ضمن قيم المجتمع ومكوناته الرئيسية ولا يجب ان تغيب عنه، كي يسود الشعور بالمحبة والأمان والطمأنينة التي غابت بغياب قيمنا ومن ضمن أعمال العطاء المجتمعي التكافل والعدل في التعامل والتحرر من الانانية، فالعطاء هو فن من فنون التعامل ولكن ما أجمله وأطيبه وأنقاه هذا العطاء الذي يكون خالصا لمرضاه الله تعالى، فنعم العطاء لله فهو الاساس ومن كان تعامله مع الله لن يخيبه، ومن كان يعمل ابتغاء وجه الله فلن يقف عطاءه ، ويؤثرون على أنفسهم لو كان بهم خصاصة من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون وتوضح الآية عاقبة الايثار والعطاء وهو الفلاح وأن تقدم لغيرك ما تجود به نفسك والا تعيش لأجل نفسك فقط، فالعطاء هنا نهر لا يتوقف وبحر لا ينضب، فلا تعش لنفسك وعش للآخرين وقدم الخير والنفع لهم، كن شمسا مشرقة بالأمل وأضيء عتمة من هم حولك دون ان تنتظر ثناءهم وكن معطاء مثل بحر لا يجف حتى وان قوبل عطاؤك بالجحود، يجب ان نعطي ونفعل شيئا ينفعنا في اخرتنا او ينتفع به احد من حولنا اثناء حياتنا او بعد مماتنا ونعطيهم الوقت و الحب و الحنان والاهتمام و نغدق عليهم بكل ما نملك ونسعى لاسعادهم ونهتم بهم ونعطي كل ذي حق حقه، وبذلك نتغلب على حبنا لذاتنا و نؤثر الآخرين على أنفسنا.