13 سبتمبر 2025
تسجيلالعالم العربي يتعرض للحصار من كل حدب وصوب، والناظر إلى ما يجري يصل إلى درجة اليقين أن الأمة العربية في حالة حرب كبرى، داخلية وخارجية، فقد تكالبت عليها الأمم كما تتكالب الأكلة إلى قصعتها، وصار العرب كالأيتام على مائدة اللئام، بدعم ومساندة من "الطابور الخامس" المكون من المنافقين والمندسين والأدعياء من أحفاد "أبو رغال"، ومن لا يعرفون هذه الشخصية الكريهة، فهو رمز الخيانة العربية في كل العصور، لأن هذا "الرجل الذي ينتمي إلى ثقيف" قبل أن يكون الدليل لأبرهة الحبشي الذي أراد أن يهدم الكعبة المشرفة، ولم يكن يعرف الكعبة ولا الطريق إليها، فما كان منه إلا أن دلهم على الطريق وقادهم إلى مكة المكرمة، وتوفي في منطقة تسمى المغمس وقبر هناك، وتحول رجم قبره إلى شعيرة بعد الحج، وظلت العرب ترجم قبره حتى ظهور الإسلام، وهو أول عربي قبل الخيانة من أجل المال والمصلحة الشخصية، فكان جزاؤه من جنس عمله الذي يليق بكل خائن.للأسف الشديد فإن "أبو رغال" لم يعد وحيدا في أيامنا هذه، فكم من حفيد له في الخيانة ضد الأمة، بعضهم يعملون مع الأمريكيين والبعض الآخر مع الروس وآخرون مع الإيرانيين، وغيرهم مع البريطانيين والفرنسيين، حتى صار لكل قوم من هؤلاء "آباء رغالات".. جمع "أبو رغال" في كل بلد وزاوية، وهم لم يتبرعوا بأن يكون "أدلاء أذلاء" ضد الأمة ودينها الذي بات يوصف بـ"الإرهاب"، ولكنهم تجاوزا ذلك إلى التحريض على الأمة ودينها، وهذا ما نراه في سوريا والعراق ولبنان ومصر وليبيا واليمن.أحفاد "أبو رغال" يهاجمون الأمة ودينها تحت راية ما يسمى "الحرب على الإرهاب"، فكل من يعارض استئصال الأمة العربية الإسلامية يصنف على أنه "إرهابي"، وكل من يرفض الاحتلال الأمريكي الروسي "إرهابي"، وكل من يرفض انقلاب السيسي الدموي "إرهابي"، وكل من يعترض على الظلم والطغيان والدكتاتورية "إرهابي"، وهكذا تحول "الإرهاب" إلى تهمة جاهزة لكل من يعارض أو يطالب بالحرية والكرامة، وتحول شعار "الحرب على الإرهاب" إلى عقيدة وديانة جديدة بقيادة أمريكا وروسيا وإيران، وكل من يرفض فهو "تكفيري" لابد من استئصاله.الحالة العربية الراهنة خطيرة إلى درجة لا توصف، فقد عاد العرب ليكونوا "الغساسنة والمناذرة الجدد"، فالغساسنة العرب أسسوا مملكة في بلاد الشام ضمن حدود الإمبراطورية البيزنطية في فترة ما قبل الإسلام، والمناذرة العرب حكموا العراق وكانوا يتبعون للإمبراطورية الفارسية، وإذا ما استخدمنا المصطلحات الحديثة فإن الغساسنة كانوا حلفاء "الغرب" والمناذرة كانوا حلفاء "الشرق" تماما كما يحدث اليوم عندما يتوزع العرب إلى حلفاء لأمريكا و"الغرب"، بينما يحالف بعضهم الآخر إيران وروسيا و"الشرق".وكما تقول كتب التاريخ والموسوعات: "لقد وجد الرومان في الغساسنة حلفاء أقوياء يمكن الاعتماد عليهم في الصراع ضد الفرس الساسانيين الذين دأبوا على تهديد الولايات الرومانية الشرقية، لذلك زادوا من صلاحيات الغساسنة ليتمكنوا من تكوين دولة حدودية لكن ضمن نطاق الدولة الرومانية. وكانوا حلفاء الروم فاشتركوا معهم في حروبهم مع الفرس وحلفائهم المناذرة، لذا فقد كانت المملكة الغسانية بمثابة الحارس الرئيسي لطرق التجارة، كما انضم الكثير منهم للجيش البيزنطي. وقام الملك الغساني الحارث بن جبلة بمساعدة بيزنطة في حربها ضد الفرس وقد منحه الإمبراطور جستنيان لقب بتريسيوس سنة 529 للميلاد، مكافأة له على إخلاصه".ومقابل الغساسنة كان المناذرة الذين أقاموا مملكة قوية من أقوى ممالك العراق العربية قبل الإسلام، واستمرت مملكتهم في الحيرة حتى احتلها الفرس، فقد هاجمها ملك الفرس نرسي وجعلها تابعة وحوله العرب فيها إلى حراس لطرق التجارة وجعل من المناذرة درعا من هجمات العرب أو الروم.واشترك المناذرة مع الفرس الساسانيين وساعدوهم في حروبهم ومعاركهم، ولكن هذه المساعدات لم تمنع الفرس من قتل آخر حكام المناذرة النعمان بن المنذر حيث استدرج كسرى فارس خسرو الثاني النعمان بن المنذر وغدر به، فثارت حمية العرب لقتله فقاتلوا الجيش الفارسي وهزموه في معركة ذي قار وكان ذلك عام (610 ميلادي).واندلعت بين العرب "المناذرة والغساسنة" حروب بينية بالوكالة لصالح الفرس والروم، تماما كما يحدث اليوم.