25 أكتوبر 2025
تسجيلعندما نسمع كلمة رشاقة يتبادر مباشرة إلى أذهاننا تلك الصورة المثالية للجسد الممشوق والقوام المرن الذي يتميز بخفة الحركة وجمال المظهر، وهو بمثابة حلم يتمناه الكثير ولا يصل إليه إلا الشخص الملتزم بتمارين رياضية وبنمط حياة صحية، وهذا المفهوم لا يقتصر على الجسد فحسب بل يمكن للإدارة كذلك أن تكون رشيقة. ما زال هناك الكثير من الهيئات والمؤسسات والشركات تعتمد على الإدارة التقليدية القديمة في اتخاذ واعتماد القرارات، حيث يقوم المدير العام أو الإداري المنغلق والمنطوي على نفسه لوحده بهذه المهام، وحتى عند تعيين قائد إداري يتم اختياره اعتمادا على المهارات والخبرات القيادية التي يمتلكها، بينما خلاف ذلك تخلق إدارات وقيادات بيئة العمل اللينة تحسينات وتطورات للاستمرارية في النمو والازدهار، وتيسّر العمل من خلال اتخاذ القرارات بشكل جماعي وتحديد القائد بناء على مهارة المرونة لديه في التكيف مع التغيير والتحول المواكب له والإقدام على خدمة دائرته بشكل أجدى وأفضل من خلال تمكين فريق العمل وتطوير الاستدامة، فالإدارة اللينة أو الرشيقة أو كما يسميها البعض «الإدارة اليابانية»، تصنف من الإدارات المرغوبة والرائجة لتطوير وزيادة جودة العمل والرفع من الإنتاجية وتخفيض الهدر، وهذا الطراز الإداري يهدف إلى السهولة والسرعة والمرونة في تنفيذ الأعمال، ورشاقة التفكير الإبداعي الذي ينتج عنه سلاسة الإجراءات وتدرّج الخطوات وإتقان العمليات التي تحقق سعادة العملاء، ومزاولة مبادئ هذه الإدارة تتطلب تحولاً في العقلية، أي من عقلية المدير إلى عقلية المختص المدرب بنمط اللطف والقدوة لضمان تطبيق مبادئ الإدارة الرشيقة وتحقيق أقصى ما أمكن من تقديم القيمة للعملاء بشكل مستدام، والتركيز على الأهداف لتحقيق الرؤية والرسالة وتطوير الموظفين بعيداً عن الضغوطات النفسية والنزاعات وشحنهم بطاقة نشاط وحيوية مما يزيد من قوة الثقة بالذات للاستمرارية والعطاء والمساهمة والمرونة في الأداء مع استغلال ساعات العمل بشكل صحيح وتنفيذ المهام بشكل أسرع والموارد بشكل أفضل والاستمرار في التطور من خلال التعليم المستمر لتكوين فريق قيادي متمكن ومنظم يسعى لرقي الإدارة. تدريجياً ومع الوقت سنجد بأن الإدارة الرشيقة تصل بنا إلى أعلى مستوى من الأهداف من خلال التحسينات التي تم فعلياً إنجازها مع مراعاة عدم الاستغناء عن الجودة في كل خطوة من خطوات التحسين لأن الاستغناء سيؤثر على جودة العمل النهائي، كذلك الخطأ والإخفاقات واردة بكل مرحلة. منهجية الإدارة الرشيقة تتطور باستمرار وتعاون في تحديد المشكلات والاستجابة لها، إذ إنها تعتمد بالنهاية على تقديم قيمة من منظور العملاء بالتخلص من الأشياء التي لا تحقق قيمة للمنتج النهائي من خلال التحسين المستمر للموارد والإنتاجية والكفاءة والتركيز على الأنشطة التي تحقق قيمة ذات معنى، ومن الأمثلة الحيوية التي تصور لنا ماهيّة الإدارة الرشيقة هي المواقع التعليمية الإلكترونية ومواقع الشراء كأمازون والفيسبوك والتي نستشعر من خلالها مدى إمكانية وقدرات وثقافة فريق العمل ومدى سرعة وقدرة التجاوب السريع وحل مشكلات العملاء وأيضاً تقبّل الفشل والعمل كفريق على تطويره بإستراتيجيات وتقنيات أفضل، وهذا يخلق تغييرا جذريا في الطريقة التي تعمل بها جهات العمل من خلال إنجاز الأعمال وتحقيق الأهداف بأقل تكلفة وجهد وبفترة زمنية أسرع ذات صفرية الأخطاء والمخزون مع الاستمرار بالتحسين بالإضافة إلى الرشاقة والسرعة في كل العمليات والوظائف والمهارات الإدارية والتي تحقق سعادة واحترام ورضا العميل وتنتهي بتحقيق أعلى عائد لأصحاب المصلحة. إذاً نحن نحتاج سلوكيات جديدة وتحوّلا قياديا وإدارة فعالة تساند وتدعم مبادئ تفكير ومنهجية الرشاقة وتقدم التوجيه لتحسين الهيكل التنظيمي لتحقيق القيمة الفعالة، كذلك الاستماع إلى مقترحات الموظفين والتحسينات التي تهدف إلى تقدم وتطور جهة العمل، والمضيّ معاً كفريق واحد لإزالة كل المعوقات، والنقاش دائماً لمعرفة سير وتدفق العمل لخلق قيمة للموظفين من خلال الإبداع والابتكار لتحسين الجودة بوقت وجهد أقل. أتفق أن تغيير النهج الإداري التقليدي الذي عفا عليه الزمن مع التطورات والتكنولوجيا الحديثة، يحتاج إلى التخلي عن الكثير من المبادئ والتي لا تتحقق في يوم وليلة، ولكن هناك دائماً فرص لإعادة التفكير بانتعاش بعض الإدارات الثقيلة المترهلة والاتجاه للإدارة اللينة الرشيقة.