17 سبتمبر 2025
تسجيليسعى الآباء والأمهات إلى تعليم أبنائهم وتربيتهم، ويحرصون على إتقانهم المهارات ويفرحون بحصولهم على أعلى الدرجات التحصيلية.. ولكن!. انتشرت في الآونة الأخيرة ممارسات غريبة على المجتمع وهي الدروس الخصوصية الاحترافية اللصوصية، هذه الظاهرة تتمثل في اتفاق بعض أولياء الأمور مع شخص خارجي يقوم بعمل الواجبات ويحل الامتحانات ويحضر المحاضرات عن ابنهم ويأخذ مقابل ذلك مبالغ مالية خيالية. شغف الآباء بحصول ابنهم على الدرجات الكاملة غير مقبول، لأنه يؤدي إلى كسر الأعراف والتخطي على الدين ودمار الابن نفسه، الطالب في هذه الحالة لن يكون قادراً على اكتساب الكفايات الواجب إتقانها في هذه المرحلة، فينتقل إلى المرحلة اللاحقة – بالغش الجديد – وهو ضعيف أكاديمياً وهزيل أخلاقياً مما يجعله مستمراً في الاعتماد على غيره كي يتخطى هذه السنة والسنة التي تليها واللاحقة وهكذا. مخرجات التعلم الهشة قد يسهم في صنعها الآباء دون وعي، ويسهم في صنعها سراق التعليم، والطالب الاتكالي نفسه: • الآباء بحرصهم على الدرجات النهائية قد يلجأون إلى بعض الوسائل غير المشروعة، حتى وإن يدفع لشخص آخر مبلغاً من المال كي يحقق السعادة المزيفة في درجات مزيفة. • سراق التعليم هم الفئة التي تصطاد حالياً في زمن التعليم عن بُعد، فيأخذون من الطالب رقم حسابه في المدرسة والرقم السري الخاص به، ثم يقومون بحل الواجبات وتقديم التكاليف وقد تصل إلى حل الامتحانات عن الطالب الذي يكون منشغلاً في متابعة لعبة "البوبجي" أو لعبة "كول أوف ديوتي". ظاهرة انتشار الرقم السري الخاص بأبنائنا الطلاب بين سراق التعليم ستؤدي في النهاية إلى طالب "أثول" لا يصلح للعطاء في عام 2030، ولا يمكن أن يقود مثل هذا الخريج بطريقة احترافية ومهنية لأنه هش من الداخل. حذارٍ ثم حذارٍ ثم حذارٍ أن تنتشر مثل هذه الممارسات، فوالله لو تحولت إلى ظاهرة سيكون صعباً على المجتمع حلها، وستخسر الدولة المبالغ الطائلة لتصحيح الاعوجاج، ولكن بعد فوات الأوان، حيث إن الشجرة الكبيرة العوجاء صعب تقويمها، لذا فلنوقف هذه الممارسات ولنقبل بالدرجات الواقعية التي يحصل عليها الطالب من جهده الشخصي. انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي الإعلانات عن معلم لغة إنجليزية يدرس الطلاب في كل المراحل ويؤسس في المرحلة الابتدائية كل المواد، وكذلك معلمة لديها ماجستير علم نفس تستطيع أن تساعد الطلاب في حل الواجبات والتحضير للامتحانات وكتابة البحوث والتقارير، والأمثلة على تلك الإعلانات كثيرة، والأدهى والأمر أن في الإعلانات أرقام التواصل مع هؤلاء السراق. كنت منضماً لقروب واتساب اسمه "الثقافات العالمية" وقد قرأت مثل هذه الإعلانات، فقمت بالتواصل مع مدير هذه المجموعة على الخاص وشرحت له أن مثل هذه الإعلانات غير أخلاقية ولا يجوز أن نسهم بأيدينا في دمار أبنائنا، فطردني من القروب وصكني "بلوك" يا أمة ضحكت من جهلها الأمم. التقيت ببعض الزملاء في قطر مول الأسبوع الماضي نحتسي بعض القهوة لمدة ساعة، وكان من ضمن الحضور زميل أحضر صديقه معه، وكان ذلك الصديق يتهكم على جيرانه الذين يعطونه في كل مرة 500 ريال مقابل أن يحل عن ابنهم في المرحلة المتوسطة صفحة من الواجب، يقول حتى الآن كسبت منهم 8500 ريال منذ بداية العام الدراسي الحالي فقط، والحبل على الجرار، يقولها بكل بجاحة وفخر وسخرية على ثقافة في طريقها إلى الانحدار. في كل جامعات العالم توجد لوائح النزاهة الأكاديمية ولكن يظل هناك العديد من الطلاب يقومون – للأسف - بالتعامل مع مكاتب خارجية لتصميم الأبحاث وإنتاجها، من أجل تقديمها إلى أستاذ المقرر كأحد المتطلبات، يقول صديقي: سألت إحداهن عن نتائج البحث قالت: عطني البحث أشوفه أول عشان أعرف أجاوبك، ههههه أضحكني الرد، وطالب آخر يقدم تقريراً تمت كتابته بأسلوب عال لا يمكن أن يكون نفسه هو أسلوب الطالب الذي يجيب في القاعة الدراسية بطريقة ركيكة وخط معوج ولغة عربية ملخبطة، أظن الأمور واضحة. فكرة قد تكون رائعة لعمل دراسة مسحية لمعرفة العائلات الذين يستعينون بمعلم خصوصي لأبنائهم، كم تتوقعون تكون النسبة المئوية لمن يعتمدون على ذواتهم في الدراسة والمذاكرة وحل الواجبات؟ بالله عليكم لا نخلط بين الحرص على الدرجة العالية وبين دمار شخصية الأبناء، فما بني على باطل فهو باطل، تلك القاعدة الفقهية العجيبة التي يجب أن تكون نبراساً للجميع. [email protected]