19 سبتمبر 2025

تسجيل

إبداع الأسر

13 سبتمبر 2013

أبدع العديد من الشعراء والأدباء أروع وأجمل قصائدهم ونثرهم وهم في غياهب السجون وتحت نير الأسر وذله ووحشته. ولولا هذه الأشعار و القطع النثرية والرسائل التي تفيض باللوعة والألم والحنين لما تعرفنا الى الكثير من الشعراء والأدباء ولما سمعنا بوجودهم حتى . فالفارس والشاعر أبو محجن الثقفي ربما ما كانت لتصلنا أخباره لولا إنه خلّد قصة سجنه بقصيدة يصف بها حماسته و تحرقه شوقاً للخروج من محبسه لقتال الأعداء في معركة القادسية ، ذاك الحبس الذي وضعه به سعد بن ابي وقاص بسبب شربه للخمر ورفضه الإنصياع لأوامره له بتركها، حيث يقول في قصيدته ... كفى حزناَ أن تدخل الخيل بالقنى وأترك مشدودا علي وثاقيا إذا قمت عناني الحديد وغلقت مصارع من دوني تصم المناديا وأن أشهدَ الإسلام يدعو مُغَوِّثاً فلا أُنجدَ الإسلام حينَ دعانيا وقد كنت ذا مال كثير وأخوة فأصبحت منهم واحدا لا أخا ليا ولولا ذل الأسر ومهانة الهزيمة لما عرفنا إن المعتمد بن عباد الأمير الأندلسي وآخر ملوك الطوائف يقرض الشعر ويبدع فيه ، فبعد ان إستعان في حربه ضد الفونسو الملك الإسباني بزعيم دولة المرابطين يوسف بن تاشفين ، الذي إعترض أنصار ابن عباد على الإستعانة به ، مما حدا به لأن يقول قوله الشهير ( ان أرعى الجمال خير من ان أرعى الخنازير ). يوسف بن تاشفين لبى دعوته على الفور وتقدم بجيوشه عابرا مضيق جبل طارق من المغرب ، حيث تمكن من هزيمة الفونسو وجيوشه ، لكن حلفاء الأمس سرعان ما تحولوا لأعداء إذ أسقط ابن تاشفين حكم إبن عباد وساقه أسيرا الى المغرب، مقيداً بالأصفاد باكياً حاله وحال ملكه الضائع بقصيدة من الشعر يقول فيها تبدلت مـن ظـل عـز البنود بذل الحـديد وثقل القيود وكان حديدي سناناً ذليقاَ وعـضباً رقيقـاً صقيل الحديد وقد صار ذاك و ذا أدهما يعـضّ بساقي عــضَّ الأسود ولولا ظلم السجان لما ظهرت للعالم رسائل الشاعر الشهير ابن زيدون التي تعد من عيون الأدب العربي ، تلك الرسائل التي كتبها مستعطفاً إبن جهور وهو أحد ملوك الطوائف في الأندلس ، الذي حبسه بعد أن إتهمه بموالاة المعتمد ابن عباد ، لكن ابن جهور لم يلن لإستعطاف ابن زيدون و ظل على تعنته ، الى ان تمكن ابن زيدون من الهرب من محبسه. ولولا قسوة السجن ووحشة الغربة وألم الفراق لما أتيح لنا أن نستمع لأبي فراس وهو يناجي الحمامة الواقفة على جدار السجن في قصيدته الرائعة أقول وقد ناحت بقربي حمامة أيا جارتاه هل تشعرين بحال معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى ولا مرت منك الخطوب ببال ولا مخاطبته لأمه البعيدة بقوله ... مصابي جليل والعزاء جميل وظني بأن الله سوف يديل جراح وأسر وإشتياق وغربة أهمك ؟ اني بعدها لحمول .