28 أكتوبر 2025
تسجيلحادثتان هزتا الحياة السياسية والاجتماعية في العراق مؤخرا ضمن أحداث وحوادث عديدة ومتنوعة حفل بها البلد ويحفل تلقائيا كل يوم!، وهما الصراع والاتهامات المتبادلة بالفساد بين رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري ووزير الدفاع خالد العبيدي!، وهي الاتهامات التي أثارت ضجة كبرى في الشارع السياسي العراقي قبل أن يتدخل القضاء العراقي ليحسم الموقف بسرعة قياسية أسرع من الضوء عبر تبرئة الجبوري لعدم كفاية الأدلة!!، في ظل بروز تحرك مضاد يطالب بمحاسبة خالد العبيدي وزير الدفاع عن اتهاماته غير الموثقة، وعن شبهات تواطؤ وصمت عن فساد مفترض ادعاه وزير الدفاع، وبما يعني تحويل الكرة باتجاه ملعب الخصم!، وهو ما جعل الشارع العراقي المنقسم دائما وأبدا يغلي ويفور دون تحقيق أي تقدم حقيقي على صعيد حل المشاكل المتفاقمة طرديا في العراق؟، أما الحادثة الأخرى والمروعة فهي الحريق الذي حدث في مستشفى الأطفال في اليرموك في العاصمة بغداد! وهو الحريق المأساوي الذي أودى بحياة عدد من الأطفال العراقيين الخدج الذين قضوا احتراقا في فعل غريب وتوقيت أغرب ولا يمكن أن تكون أسبابه مجرد تماس كهربائي كما أعلن البيان الرسمي الحكومي، والذي تبعه استقالة تلفزيونية مباشرة لوزيرة الصحة عديلة حمود! واستقالة مسؤولين آخرين عن القطاع الصحي في بغداد!، مما يوحي بأن خلف الأكمة ماوراءها!، وبأن شبهات الفساد لم تعد مجرد اتهامات عائمة، بل إن مافيات متسلطة على الدولة العراقية الراهنة باتت تتحكم في ملفات وقضايا عديدة وبعضها بمثابة قنابل اجتماعية خطيرة مثل عمليات سرقة وبيع الأطفال الرضع المنتشرة في العراق بشكل مرعب، وهو الموضوع التابو الذي يتجنبه الإعلام العراقي لاعتبارات اجتماعية عديدة ومعروفة!، ورغم الحديث والنقاش المستفيض في العراق حول الفساد إلا أنه منتشر ومستمر ولا يوجد من يقف في طريقه بعد أن استطاع من التغلغل في أعلى مؤسسات الدولة وتحول لقلعة حصينة محصنة لا يستطيع كائنا من كان اختراق أسوارها أو الوصول لقاعدتها أو سبر أغوارها، ورغم أن الحكومة العراقية تطلب المساعدة الدولية في محاربة الفساد!! إلا أن تلك الدعوة مثيرة للسخرية قولا وفعلا!!، فهنالك وزير عراقي سابق من حزب الدعوة الحاكم وهو عبدالفلاح السوداني وزير التجارة الأسبق حكمت عليه المحكمة العراقية بالسجن سبعة أعوام بسبب ملف اتهام تلاعب بمفردات البطاقة التموينية ولضياع مبلغ 800 مليون دولار!، وطبعا الوزير السابق يحمل الجنسية البريطانية وخرج من العراق علنا دون أن يوقفه أحد! ولا يوجد من حزب الدعوة الحاكم من يطالب بريطانيا بالقبض عليه وإعادته فكيف يتصرف العالم تجاه حكومة جل المنتسبين لأحزابها الحاكمة تثار حولهم ملفات اتهام عديدة وبعضهم متورط في الفساد حتى أخمص قدميه!، معادلة صعبة لملف صعب وشائك أضحى جزءا من الحالة السياسية العامة لعراق ما بعد الاحتلال الأمريكي والذي أهدرت حكوماته مئات المليارات كان بإمكانها أن تغير واقع العراق تماما وتنقله لآفاق تنموية غير مسبوقة! لولا أن القوى السياسية والطائفية التي استهلكت السلطة حتى أهلكتها لا تمتلك من مقومات القيادة والإدارة والنزاهة والشفافية حدودها الدنيا، واقع الحال العراقي ينبئ بأن الفساد هو جزء لا يتجزأ من عملية توازن القوى السلطوية بين الفئات المتناحرة على السلطة والمتفقة على النهب والفساد والإفساد!، فمنذ أربعة عشر عاما كاملا لم يدخل أي مسؤول أو وزير فاسد السجن ولم يتم استرجاع الثروات المسروقة!