15 سبتمبر 2025
تسجيللم تكد تمضي ساعات حتى سقطت مديرية الحزم في إب بيد المقاومة الشعبية بداية هذا الأسبوع حيث انطلقت الشرارة من منطقة بني وائل أين لقي عدد من قادة الحوثيين مصرعهم بعد اشتباكات عنيفة مع المقاومة الشعبية بقيادة العميد عبد الوهاب الوائلي قائد القوات الخاصة الذي أقاله الحوثيون بسبب رفضه إرسال تعزيزات إلى تعز.. وما إن انتشر خبر السيطرة على الحزم حتى توالى سقوط عدد من المديريات في المحافظة وفي ظرف أيام قليلة أصبح الحوثيون وحلفاؤهم في مدينة إب مركز المحافظة تحت فوهات بنادق المقاومين.. هذه التطورات أحدثت انهيارات مفاجأة في معنويات المليشيات وبعض أفرادها لاذوا بالفرار، ولرفع الروح المعنوية لجأ الحوثيون إلى التفكير في خيار وحيد يجيدونه وهو تدمير المساكن والمدينة على رؤوس السكان وذلك ما تم بالفعل عندما اعتلت الدبابات مواقع مرتفعة وبدأت بإطلاق قذائفها وفق تعليمة: أطلق ولا يهم طبيعة الهدف. لكن المقاومة عندما علمت بهذا الخيار التدميري تراجعت خطوات بغية تنظيم صفوفها وإفساح المجال لأي حل سلمي يفضي لانسحاب الحوثيين وحلفائهم والعودة من حيث أتوا. تحتل محافظة إب موقعا إستراتيجيا مهما ولها حدود جغرافية مع خمس محافظات وهي خط إمداد رئيس لميليشيات الحوثي وقوات الرئيس المخلوع، وتعد السيطرة عليها تعزيزا نوعيا لقوات الجيش الوطني والمقاومة في محافظة تعز تحديدا التي تخوض حربا ضروسا منذ أربعة أشهر . الحوثيون اليوم يشعرون اليوم بالهزيمة بعد سيطرة المقاومة على أربع محافظات وبلوغ الغضب الشعبي مداه جراء ممارساتهم التي حولت البلاد كلها إلى محرقة تأكل الأخضر واليابس، وهم يفاوضون في العاصمة العمانية مسقط لكي يحفظوا ماء الوجه ويبقوا جزءا من أي عملية سياسية قادمة رغم كل ما اقترفوه، وهذا ما نقله المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي بأن الحوثيين اليوم ليسوا كما الأمس وقد أبدوا استعدادهم للتجاوب مع قرار مجلس الأمن الدولي 2216 شريطة الموافقة على شروط عشرة بينها نشر مراقبين دوليين على الأراضي اليمنية. هناك مساع للالتفاف على أهداف القرار الأممي 2216 وتفريغه من محتواه وفق المنطق الذي دأب عليه الحوثيون في إفشال حوار الرياض وحوار جنيف والخرق المتكرر للهدنة الإنسانية والتلاعب بكل الاتفاقيات المحلية الموقعة في صنعاء، ورغم كل هذا التاريخ المشوه إلا أن جهات تدفع باتجاه بقائهم وحلفائهم عنصرا مثيرا لعدم الاستقرار في المرحلة المقبلة التي يفترض أن تكون مرحلة للبناء وعلاج الجروح الغائرة في النفوس. لكن ربما لن تتمكن تلك الجهات من الوصول لمبتغاها ولن تجدي جهودها نفعا ذلك متغيرات ميدانية وسياسية حولت الحوثيين إلى فقاعة ربما تتلاشى قريبا، ويمكن أن يكون أولى هذه المتغيرات ما تحققه المقاومة من إنجازات متسارعة في أكثر من منطقة، ويبدو أن عملية السهم الذهبي لن تقف عند حدود عدن والمحافظات الجنوبية بل إنها ستمر من تعز حتى تصل صنعاء. أما المتغير الثاني فيتمثل في تبخر الكثافة الإيديولوجية التي حرص السيد عبد الملك الحوثي على إغراق أتباعه بها إلى درجة جعلت المقاتل يحمل في جيبه مفتاح الجنة ويكتب عليه رقم الباب الذي سيدخل منه، ونتيجة لهذا التبخر وتبدل القناعات أحجم الكثير عن القتال في صفوف ميليشياته بل ربما تكون صنعاء على موعد مع انتفاضة ترجعها دون قتال عاصمة للشرعية. أما المتغير الثالث فهو تناقض خيارات الحلفاء المحليين فما يناسب الحوثيين لا يروق لحليفهم يتبدى ذلك من خلال تحول الناشطين في مطبخ الرئيس المخلوع على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أسلوب الهجوم الكاسح والنقد اللاذع لكل إجراءات الحوثيين بل يحملونهم المسؤولية الكاملة لكل أوجاع البلاد، ويؤشر ذلك إلى سعي المخلوع لتجنب مصير القذافي . أما المتغير الأخير فيتمثل في التقارب السعودي الروسي وانعكاساته على الموقف الدولي وكذلك التوقيع على البرنامج النووي الإيراني الذي غير نوعا ما من أولويات إيران في المنطقة. هناك معلومات تتردد بشأن استعدادات كبيرة في أوساط الجيش الوطني الذي درب لأشهر عدة لكي يكون رأس حربة السيطرة على صنعاء ومدن أخرى وهذا يعني أن الأيام القليلة المقبلة حبلى بالمفاجآت التي ربما تعيد الأمور إلى نصابها، وربما تكون المفاجأة الأولى من مدينة إب التي انتفضت المقاومة الشعبية العفوية من مديرياتها العشرين بشكل لافت والكل يدين بهذه الهبة لمديرية الحزم وإسناد عاصفة الحزم .