12 سبتمبر 2025

تسجيل

الصيف والقرآن

13 أغسطس 2015

إن الوقت له قيمة في حياة البشر، وحيث إن هذه الأيام أيام أجازات والناس في غفلة والشباب يسعى لقضاء وقت فراغه، فهل فكر كل إنسان في فرصة يغتنمها في هذه الأيام ويجعل لنفسه ورداً من كتاب الله،ويعيش مع دفتي المصحف الشريف ويعي أن القرآن سيكون أماناً له من النار،فهذه الأيام حرارتها لاذعة ولكن "قل نار جهنم أشد حرا" فقد اهتم الإسلام كثيراً بفئة الشباب وحثنا على الاعتناء بهم والاهتمام بتربيتهم والحرص على تكوين النشء وصياغة أفكاره وسلوكه لتحقيق الأهداف المنشودة وإكسابه المهارات والخبرات اللازمة ومجتمعنا اليوم يمر بتحديات تحتم عليه أن يأخذ بكل أسباب العلم والقوة والعمل،فالحياة بدون هدف لا قيمة لها والهدف ما لم يكن ساميا وكبيرا يظل نائيا وبعيدا. إن أصول التربية وقواعدها تهدف إلى تربية الإنسان الصالح الذي يقوم برسالته على الوجه الأكمل بحيث تجعله قادرا على التحكم في نفسه وضبط تصرفاته والحرص على احترام القيم الأخلاقية والمثل العليا التي يحيا لها ويحرص على الالتزام بها، وأن يكون خير قدوة للعمل الجاد القائم على الإصلاح والإخلاص الصادق، ويحرص على تلبية نداء الحق والخير وحماية المجتمع من عوامل الفساد والضعف والابتذال والتخلف،ويعمل على تطوير مجتمعه والدعوة إلى البناء والإصلاح والصدق مع النفس لكي يعيش الفرد حياته على جانب من الالتزام والمسؤولية بحيث يكون صادقاً مع نفسه ومع غيره ومع عمله ومجتمعه لا يخاف إلا الله.. وكم في ذلك من سعادة غامرة وبهجة تامة بحيث تبدو الحياة أمام الإنسان ناصعة مليئة بالسرور والارتياح والاطمئنان والرضا، فإن الله سبحانه وتعالى من على هذه الأمة بأن زادها الله شرفا بالدين الذي ارتضاه دين الإسلام وأرسل إليه محمد خير الأنام،عليه أفضل الصلاة والسلام وأكرمها بكتابه أفضل الكلام، وجمع فيه سبحانه وتعالى جميع ما يحتاج إليه الناس من أخبار الأولين والآخرين والمواعظ والأمثال والآداب وضروب الأحكام وضاعف الأجر في تلاوته وامرنا بالاعتناء به وبذل الوسع في الاحترام. إن كتاب الله يحقق للإنسان السعادة لأنه يسير في طريقه لا يخشى شيئا إلا الله، صابرا حامدا شاكرا ذاكرا لله على الدوام، شاعرا بنعمة الله عليه يحس بآثار حنانه ودلائل حبه فكل هذا يبث في نفسه طاقة روحية هائلة تصقله وتهذبه وتجعله يشعر بالسعادة والهناء وبأنه قوي بالله سعيد بحبه، فينعم الله عز وجل عليه بالنور والحنان ويفيض عليه بالأمن والأمان، فيمنحه السكينة النفسية والطمأنينة القلبية،لذلك يتضح لنا أن للقرآن الكريم أثرا عظيما في تحقيق الأمن النفسي خاصة في أيام الأجازات والفراغ حتى لايكون الشاب فريسة للسعي في طريق الشيطان، ولن تتحقق السعادة الحقيقية للإنسان إلا في شعوره بالأمن والأمان،ولن يحس بالأمن إلا بنور الله الذي أنار سبحانه به الأرض كلها،وأضاء به الوجود كله بدايته ونهايته، ويؤكد لنا القرآن الكريم بأنه لن يتحقق للإنسان الطمأنينة والأمان إلا بالدوام على ذكره لله عز وجل:يقول تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)الرعد:28،وينبغي لقارئ القرآن أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده الله إليها من السخاء والجود ومكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه والحلم والصبر والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع،فحاجة القلب ماسة إلى تدبر القرآن،لأن في القلب حجة لا يسدها إلا ذكر الله والتلذذ بكريم خطابه، وإن فيه وحشه لا يزيلها إلا الأنس بكتابه وإن فيه قلقا وخوفا لا يؤمنه إلا السكون إلى ما بشر الله به عباده،وإن فيه فاقة لا يغنيها إلا التزود من حكم القرآن وأحكامه،وإنه لعلى حيرة واضطراب لا ينجيه منها ويهديه إلى سواء الصراط إلا الاهتداء بنور ربه وبرهان كتابه العزيز، فلقد عُنـي القرآن الكريم بالنفس الإنسانية عناية شاملة، عناية تمنح الإنسان معرفة صحيحة عن النفس وقاية وعلاجا دون أن ينال ذلك من وحدة الكيان الإنساني، وهذا وجه الإعجاز والروعة في عناية القرآن الكريم بالنفس الإنسانية، وترجع هذه العناية إلى أن الإنسان هو المقصود بالهداية والإرشاد والتوجيه والإصلاح، فلقد أوضح لنا القرآن الكريم في الكثير من آياته الكريمة أهمية الإيمان للإنسان وما يحدثه هذا الإيمان من بث الشعور بالأمن والطمأنينة في كيان الإنسان وثمرات هذا الإيمان هو تحقيق سكينة النفس وأمنها وطمأنينتها، ولايتحقق هذا إلا بخوف الناس من رب البرية والحرص على الأستفادة من توجيهات القرآن الكريم من خلال تدبر آياته وحفظه والحرص على الإمتثال لآدابه والسير على نهج الإسلام وقيمه والعمل بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.