14 سبتمبر 2025

تسجيل

انقلاب أنجلو أمريكي هادئ في العراق؟

13 أغسطس 2014

في العراق النازف وحيث تمتزج الأسطورة بالخرافة بالواقع المأساوي تدور معركة ترتيب أوضاع الشرق الأوسط بشكل غريب ومتداخل يلخص كل تفاصيل ومحاور لعبة الأمم التي تجري بمتوالية حسابية رهيبة هناك، لقد انتهى وتلاشى فجأة عهد نوري المالكي، كما انتهت بعملية الصخرة والثعبان الأمريكية حقبة صدام حسين عام 2003 وكما انتهت قبلهما حقب سابقة، بنفس الطريقة المفاجئة، ومع رحيل رجل إيران ورجل المنظمة السرية الإرهابية لحزب الدعوة السيد نوري المالكي بالطريقة التي تمت وهي طريقة (الزحلقة) وفقا للنصوص الدستورية واستنادا لتوافقات داخلية وإقليمية ودولية، يبدو جليا إن العامل الدولي الذي لعب دورا تاريخيا في صعود المغمور نوري المالكي لسدة الزعامة الأولى في العراق، قد لعب لعبته وضرب ضربته من جديد، وحطم بالكامل أحلام وتطلعات الفتى الطائر الذي تصور ذات يوم بأنه الحصن المنيع والقلعة الشامخة التي تتحطم عليها كل الإرادات المضادة لطموحاته!!، لقد نسي نوري المالكي نفسه تماما وبالغ في تقدير حجم قوته وتجاهل تماما العامل الدولي الذي قطعا سوف لن يكتفي بطرده من ناصية السلطة بل سيفتح عليه صنابير جهنم من المتابعات القانونية والقضائية والملاحقات والتي ستبدد تماما عسل ورحيق سلطة فاشلة استمرت لثمانية أعوام عجاف وضعت العراق على سكة الندامة ودشنت طريق الحرب الأهلية الشاملة، وحفرت أخاديد عميقة للطائفية و التمزق الوطني. لقد سقط الدكتاتور في بغداد من جديد؟ ولكن وككل مرة من أسقط الدكتاتور؟ لقد فشلت تماما كل الجهود الداخلية وكل تحركات الإخوة الأعداء في التحالف الوطني الشيعي الذين تقزموا أمام تضخم قدرات المالكي السلطوية الذي أظهر لسانه للجميع وتحدى الكل وحاول جاهدا تمرير ولاية ثالثة عجفاء بشتى السبل والوسائل الممكنة المشروعة منها وغير المشروعة، ولكن البديل لطموحات المالكي اللامحدودة قد برز من خصم داخلي لم يتوقعه أبدا برز من بين بطانة حزب الدعوة الداخلية وهو الدكتور حيدر العبادي (البريطاني الجنسية والهوى) والذي يتقن التعامل مع العقل الغربي. يمكنني التأكيد استنادا لوقائع الأحداث العراقية بأن ما حصل من طرد سلطوي للمالكي هو بمثابة انقلاب بريطاني/ أمريكي هادئ على أنغام موسيقى داعش وأخواتها لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتحجيم الدور الإيراني الذي استنزف كثيرا في الشام ولبنان والعراق.فحزب الدعوة الذي تأسس عام 1957 هو حزب بريطاني التأسيس إيراني الهوى والمنطلق، طائفي الأجندات والتفكير. وجاءت مرحلة نهاية السبعينيات وانطلاق الثورة الشعبية في إيران اعتبارا من أواخر عام 1977 وحتى سقوط نظام الشاه الراحل عام 1979 لتشكل انطلاقة جديدة للأحزاب الدينية الطائفية بفعل المزاج الدولي والإقليمي الذي أعقب الاحتلال السوفيتي لأفغانستان عام 1978. وتعرض الحزب الذي أعلن حربه الخاصة في العراق لإسقاط النظام البعثي هناك عام 1979 لحملة استئصال سلطوية قوية مزقته بالكامل ليلجأ لقواعده الإيرانية التي نبذته تماما بسبب صراعات السلطة والنفوذ والتيارات بين الملالي هناك ليعود حزب الدعوة جسما طائفيا ضعيفا مشتتا وينقسم في منافي اللجوء والشتات لثلاثة أقسام، الأول وهو الفرع الطهراني والذي ترأسه القيادي الإيراني علي الأديب، والثاني وهو الفرع الدمشقي التابع للمخابرات السورية والذي ترأسه في المرحلة الأولى عبدالزهرة بندر (أبو نبوغ) قبل أن يبتعد ليخلفه الغامض نوري أو (جواد المالكي)!!، أما الفرع الثالث والحيوي والذي يقود الأمور ويقوم بالاتصالات الدولية فقد قاده إبراهيم الجعفري لسنوات طويلة من لندن وهو الفرع البريطاني الذي يعتبر حيدر جواد العبادي رئيس الحكومة الحالي أحد قياداته، وهذا الفرع كما هو معلوم خاضع لمتابعة وتنسيق المخابرات البريطانية وصاحبة الخبرة الكبيرة في الشأن العراقي منذ عام 1914!!، لقد قاد قادة فرعي الحزب الآخرين العراق نحو الهاوية واليوم قد جاء الدور على الفرع البريطاني من خلال الدكتور العبادي الذي حظي تعيينه من قبل الرئيس فؤاد معصوم بترحيب غربي وبمباركة إيرانية. من المبكر الحكم على مسيرة ومستقبل وسياسة حيدر العبادي في الشأن الداخلي العراقي، ولكن نوري المالكي سيكون محظوظا إن تمكن من الإفلات من المساءلة!!.. مشكلة الدكتاتوريين في العراق أنهم لا يتعظون أبدا!!.. وتلك هي المعضلة.