15 سبتمبر 2025

تسجيل

معركة الموصل.. والدمار القادم الرهيب

13 يوليو 2016

في العراق، تدور اليوم رحى معارك ميدانية عسكرية وسياسية وطائفية بوتائر وصيغ غير مسبوقة في تاريخه الحديث الحافل بالفجائع والمصائب والأزمات، فوسط ركام حروب التفجيرات الرهيبة المتنقلة، ووسط عويل الثكالى والمكلومين، وفي خضم صيحات الثأر الطائفية وحملات الانتقام وردود الأفعال التي خلفت انقساما شعبيا ووطنيا بالغ الدلالة، ومع تراجع أداء السلطة وضعفها وهوانها أمام تهديدات الميليشيات الطائفية الوقحة التي تحاول الانقضاض على السلطة وتنفيذ قوانينها الخاصة وإشاعة الرعب، وثقافة الموت الأسود، تبدو صورة الأيام القريبة القادمة سوداوية بل حالكة السواد، فنتائج المعارك في مدن غرب وشمال العراق التي كانت تحت قبضة تنظيم الدولة سواء في صلاح الدين أو بيجي أو الأنبار وأخيرا الفلوجة لم تؤد لتحسين الحالة الاجتماعية للسكان!، بل زادت من عمق المعاناة والمأساة من خلال منع الأهالي من العودة لمناطقهم وبيوتهم بعد قيام العصابات والميليشيات الإرهابية الطائفية بتدمير كل شيء حي، وسرقة مايمكن سرقته، فيما تكفلت الغارات الجوية بتسوية كل شيء على الأرض، أي أن نتيجة المعارك لم تجلب السلام بل وسعت من مساحات الخراب وزادت مخيمات المهجرين المفتقرين لأبسط الإحتياجات الإنسانية في ظل صيف العراق القائظ الرهيب، وما حصل من ضربات إرهابية موجعة في وسط بغداد وعمقها الشعبي (حي الكرادة) ومن ثم في أحد المراقد الدينية في قضاء بلد، إنما هو أمر يؤكد بأن قواعد الإرهاب قد توسعت أطرها وهي للأسف حرة للغاية في اختيار الأهداف الموجعة وتنفيذ ضرباتها في الوقت الذي تريد وسط حالات رهيبة من الشكوك وتبادل الاتهامات بين الأطراف التي تدير ملفات الصراع الداخلي العراقي المحتدمة، فتفجيرات الكرادة التي أوقعت مئات القتلى من العراقيين في قلب العاصمة العراقية قد تركت نتائجها المرعبة على تركيبة السلطة الحاكمة وهزت مواقعها بقوة واستقالة وزير الداخلية محمد سالم الغبان الممثل الرسمي لتنظيم بدر الإيراني في العراق تعني أشياء عديدة أهمها أن قيادات الميليشيات العليا تنتظر الضوء الأخضر من مراجعها في طهران للانقضاض على السلطة في العراق وتنفيذ أجنداتها بشكل مباشر، ولعل في تهديدات زعيم عصابة العصائب قيس الخزعلي وزميله زعيم عصابة أبي الفضل آوس الخزرجي بإقتحام السجون الحكومية وتنفيذ عمليات الإعدام المؤجلة لآلاف المتهمين والمحكوم عليهم بالإعدام هو أمر جلل يتجاوز البلطجة ليصب في خانة الإنقلاب التام على الدولة والعملية السياسية الكسيحة برمتها التي لم تستطع تشكيل حكومة قوية مسؤولة تمارس سلطاتها بعيدا عن وصاية وبلطجة وإبتزاز قيادات الميليشيات التابعة جميعها للحرس الثوري الإيراني، اليوم ووسط كل التشابكات تبدو الحكومة العراقية بالتعاون مع الراعي الأمريكي منهمكة في التحضير والإعداد لمعركة إستعادة الموصل القادمة وهي معركة بدأت إرهاصاتها منذ أسابيع في محور العمليات الجنوبي وتم خلالها إستعادة عدد من المواقع الستراتيجية المهمة، ولكن تنفيذ ذلك يتطلب زيادة أعداد الجنود الأمريكيين ومحاولة إبعاد حشود الحشد الطائفي المهتمة قيادتها كثيرا في المشاركة رغم الرفض الأمريكي الذي رفضه قائد عام الحشود وقائد عصابة بدر الإرهابية هادي العامري الذي يطلق التصريحات المعادية للتدخل الأمريكي والرافضة له رغم أن استعادة المدن السابقة أمر لم يكن ليحصل أبداً لولا الدعم الجوي القوي جدا لطائرات التحالف الأمريكي والذي كان السبب الأول والأساسي في تدمير مواقع تنظيم الدولة، نتائج العمليات الماضية تنبئ بأنه في حال إطلاق عملية إستعادة الموصل فإن النتائج الإنسانية الأولى ستكون تشرد أكثر من مليون مواطن عراقي في وضع لا تتحمل فيه الدولة العراقية أي إمكانات لإستيعاب وإغاثة تلك الحشود المليونية التي ستكون أكبر مأساة لجوء إنسانية في القرن الحديث. كما أن عمليات النهب التي ستحصل ستكون رهيبة بشكل يذكرنا بمرحلة غزو المغول لبغداد عام 1258!!، فرايات الثأر والحقد والانتقام مرفوعة اليوم بشدة! والسلطة عاجزة تماما عن الوقوف بوجه تلك التيارات، وتمزيق العراق الذي سيجري ستمتد مؤثراته لعموم الشرق المتمزق، معركة قادمة بتكلفة إنسانية رهيبة لا يمكن للعالم تحملها، ولربما ستكون المدخل لتورط ودخول قوى إقليمية كبرى في ملفات الصراع العراقي الدموي الساخن!! خصوصا وإن للموصل اعتبارات خاصة ورؤية معينة في ذهن صانعي الستراتيجية في الشرق!! ، أما أجندات الميليشيات الإيرانية المتوثبة فهي مشرعة لتنفيذ سيناريوهات التغيير الطائفي الديموغرافي!! في الموصل تتجمع اليوم كل صفحات تدمير إقليمي شاملة، والمعركة القادمة ستكون الأشرس والأشد هولا في معركة إعادة رسم خريطة الشرق.