17 سبتمبر 2025

تسجيل

النفاق الاجتماعي

13 يوليو 2014

إن المرء الذي يسعى إلى السعادة ينشدها لابد وأن يعلم أن السعادة تتحقق له عند إسعاد الآخرين وإننا في هذه الأيام الطيبة أيام شهر رمضان أيام البر والإنفاق أيام يضاعف الله سبحانه وتعالى فيها الأجور والحسنات لمن أراد أن يتاجر مع الله فيبحث عن أبناء الأمة ويدخل عليهم السرور والسعادة فالإسلام دين التكافل الاجتماعي والتراحم والتعاون جعل العدالة الاجتماعية إحدى دعائم الدين وتكاليفه الشرعية، فمن أهم عوارض الإخلاص وأشهرها الرياء الذي يمكن أن نقول بأنه العمل لأجل البشر وهناك عارض آخر يطرأ على الإخلاص ولا يقل خطورة عن سابقه وربما يكون قسيما له لكن قل من يتفطن له وهو عبادة النفس بأن يعمل العامل العمل لأجل نفسه وامتداحها والثناء عليها ويعد هذا من عظيم خصال النفاق التي تدمر الحسنات ويخلو قلب صاحبها من الإخلاص ويكون ذلك محبط للعمل، فيأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، قال تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) الفرقان:23. إن المتيقن لاستخدام التقنيات الحديثة من وسائل الاتصال يجد أنها في غالبيتها تقوم على الكذب في الحديث وإخلاف الوعد والخيانة وكل هذا من علامات المنافق التي أخبرنا بها الهدي النبوي، فهذا يتحدث بشخصية غير شخصيته وهذا يوعد بما لا يستطيع فعله وآخر يقع في المحرمات، أليس من الأجدر بك أن تعي ما يدمر حسناتك وتبتعد عنه وما يضيع صيامك وتتقيه فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، فمن خصال المنافق المذمومة أنه يفعل فعلا ويظهر أنه قصد به الخير ولكن في الحقيقة يهدف من ورائه خديعة من ينافقه للوصول إلى أهداف معينة وهو في ذلك يمارس التضليل والتملق والتزلف والإطراء والثناء لمن ينافق ومن خصال المنافق أيضا التذبذب والتقلب فهو اليوم مع من له عنده حاجة وغدا مع غيره أي انه دائما انتهازي يخفي من ذميم الصفات ما يبديه من الكلام الجميل والمدح المبالغ فيه، ويعد هذا من الأمراض الخطيرة التي تصيب الأمم وهو النفاق المدمر بعينه والذي له آثار سلبية تدميرية على أفراد المجتمع فالبعض يرى أنه طبخة شيطانية مركبة من كل العيوب والمطامع الشخصية كالجبن والطمع، فالمنافقون أنانيون بالطبع ولا يهمهم سوى ضمان مصالحهم ويبررون سلوكهم الفاسد ويعتبرون ما يقومون به كياسة وفطنة أو فن تعامل أو دبلوماسية.وتكمن الخطورة الشديدة لهذا المرض الفتاك بالأعمال الصالحة والمدمر لها وهو الأنانية والتطلع لحب النفس وإيثار الذات، وفي الحقيقة أن النفاق إحدى حالات الانحراف وعقده نقص لدى البعض ومن أخطاره أن من الناس من يقع في شرك المنافقين ويصاب بداء العجب والتيه، فليس ظاهر الإنسان ولا ظاهر الحياة الدنيا، هو الذي يمنحه من الله رضوانه وعفوه وغفرانه، فإن الله تبارك وتعالى يقبل على عباده المخبتين المخلصين، ويقبل منهم ما يتقربون به إليه، أما ما عدا ذلك من زخارف الدنيا وتكلفات البشر فلا قيمة له ولا اكتراث به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم) رواه مسلم، وجاء في الحديث أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إن كان يوم القيامة جيء بالدنيا فيميز منها ما كان الله وما كان لغير الله رمى به في نار جهنم) رواه البيهقي، إن النفاق ظاهرة نفسية راجعة إلى فساد الطبائع وخلو نفس المنافق من القيم والمبادئ التي يربي الإسلام عليها أبناءه وعادة يكون المنافق مرائيا ومداهنا ويعمل على التعدي على حقوق الآخرين حتى ولو كان هناك تجاوز للفضيلة والشرف من خلال التفريق والدس والوقيعة بين الناس واستغلال الخلافات وتوسيع شقتها والإفساد في الأرض فهذا هو الداء العضال والانحراف الخلقي الخطير في حياة الأفراد، والمجتمعات والأمم، فخطره عظيم وشرور أهله كثيرة، وتبدو خطورته الكبيرة حينما نلاحظ آثاره المدمرة على الأمة كافة.