12 سبتمبر 2025

تسجيل

توازن مصر المفقود

13 يوليو 2013

تحقيق التوازن السياسي في مصر أصبح أكثر صعوبة مع اتجاه الجماهير الى أخذ حقوقها واستحقاقاتها عبر الشارع الذي يحتمل فوضوية في جعله أداة وليس طريقا للوصول الى الغايات من خلال التعبير عن المطالب في حرية تعكس حراكا ومتغيرات نشطة، ولكن يبدو أن تلك الحرية أصبحت رديفا للفوضى وانتزاع الحقوق. الغوغائية لا يمكنها أن تصل بأطراف العملية السياسية الى حلول لمشكلات شعب عانى كثيرا من الطغيان، وحين يستخدم السياسيون الشارع على الطريقة المصرية فإنهم يتجهون ببلادهم الى نفق مظلم ترتفع فيه سقوف المطالب بما لا يمكن تحقيقها وبالتالي تضليل تلك الجماهير بخيارات غير واقعية للمحافظة عليها ككروت ضغط، والآن لدينا في مصر نوعان من الشرعية، أولاها شرعية الصندوق والسلوك الديمقراطي، وثانيها شرعية الشارع، والمفارقة أن جميع الذين يتنازعون كانوا يستخدمون ولا يزالون شرعية الثورة التي تمزج بين الشرعيتين. تلك الحالة المصرية تحتاج الى اتزان لتصل الى التوازن، لأنه إذا ثبت الجميع على مواقفهم فلا يمكنهم تقديم تنازلات، تسدد وتقارب وتخرج البلاد والعباد من حالة الأزمة وانسداد الأفق الذي تخسر فيه مصر ومن بعدها المصريون، وهي حالة لا تتوافق مع التراكمية السياسية لنخبة هذه الدولة التي يبدو أنها تصفّي حسابات مع بعضها على حساب المواطن المصري البسيط الصامت. وهناك نقطة جوهرية في المسألة المصرية وهي أنه لا بد من تحييد العامل الخارجي الذي يلقي بظلاله على استراتيجيات الأطراف السياسية وخلق نوع من الصراع الذي لا بد وأن ينتهي بسقوط اتجاه أو تيار بعينه، رغم أن المكونات الاجتماعية والسياسية تتعدد ما يعني استحالة إقصاء أحد أطراف الثورة، ففي ذلك تأزيم للمواقف قد يؤدي الى انهيار الدولة وإضعافها وفقدانها الاستقرار. ينبغي أن تكون هناك تنازلات، فالسياسة هي فن التنازل وبدون ذلك لا يمكن لطرف يرتفع الى قمة السلطة أن يدير دولة نصف سكانها في الشارع يربكون أي مشروعات للاستقرار وممارسة الحكم، وحين تصل مصر الى توافق سياسي لا يوظف الشارع في الأجندة السياسية فذلك هو أول طريق العودة الى ثبات الحالة السياسية والاعتراف بمكونات المجتمع المصري واستيعابها دون تمييز أو تضييق في كل أركان الدولة وهياكلها، لأن مصر للمصريين بمختلف طوائفهم وأفكارهم واتجاهاتهم والإقصاء يمثل هشاشة في أي فكر سياسي يحاول قيادة البلد إلى بر الأمان " ربي يحفظك يامصر".