14 سبتمبر 2025
تسجيلانقضَى شهر رمضان المبارك، وسعدَتْ فيه أنفسنا وقلوبنا بالطاعة، والعبادة، ولذة القرب من الله، نسأل الله تعالى أن يكتبنا من السعداء الفائزين بالنجاة من النار والخلود في جنة الرحمن. ولا شكَّ أنَّ مِن أكثر الدلالات على قبول العمل الصالح في رمضان هي المداومة والاستمرار على مكتسبات رمضان من الطاعات والعبادات والروحانيَّات العظيمة. فالعبد المسلم حريص على طاعته وقُربه من ربه في كل وقت وحين، فلا ينبغي أن ينشط المسلم في رمضان ثم يعود إلى عبثه ولهوه وغفلته بعد رمضان، وكثيرًا ما نُردِّد: «كن عبدًا ربانيًّا لا رمضانيًّا». ونكرر دائمًا «أن ربَّ رمضان هو رب سائر شهور العام «. فمن عظيم فضل الله علينا أن جعل مواسم الطاعات وميادين السباق كثيرة لا تنتهي، فإن كان رمضان قد انقضى وصيام الفريضة قد انتهى فقد أنعم الله علينا بمنحة جديدة في صيام التطوع، ألا وهي ست من شوال. فصيامها له فضل عظيم، وأجر كبير لأنه بصيامها يُكتب للمسلم أجر صيام سنة كاملة، فقد صحَّ عن رسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. ومن الفوائد العظيمة لصيام ستٍّ من شوال تعويض النَّقص الذي قد يحصل في صيام الفريضة في رمضان؛ إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثِّر سلبًا في صيامه ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض. فيجب أن يحرص كل مسلم على التزوُّد بالنوافل في كل العبادات كالصلاة والصيام والزكاة... وغيرها؛ حتى تكون رصيدًا يدَّخره ليوم الحساب، جعلني الله وإياكم من أصحاب اليمين والنعيم المقيم. فلنحرص جميعًا على مجاهدة النفس في الاستمرار على الطاعة بعد رمضان، فمجاهدة النفس مطلبٌ مهمٌّ لمن أراد الخير وطمع في جنة عرضها السماء والأرض. فليجاهد المسلم نفسَه على صيام التطوع، ويجاهدها على قراءة القرآن، وعلى جميع النوافل في كل العبادات والطاعات، والحرص على المداومة على العمل الصالح وإن كان قليلًا، فأفضل الأعمال أَدْوَمها وإن قَلَّ، فلا تُثقِل على نفسك بكثرة الأعمال، فالقليل فيه ضمان الاستمرار، وفيه استمرار تعلق القلب بالله وطاعته والفوز بحسن الخاتمة. ومما يعين المسلم على الاستمرار على الطاعة أن يكون على يقين تامٍّ أنَّ للطاعة أثرًا على القلب وراحةً للنفس وسببًا لتيسير الأمور وتفريج الهموم والغموم؛ فإذا استحضر المسلم هذا سارع للمحافظة على الطاعات وكان حريصًا على الدوام والاستمرار. أسأل الله تعالى أن يتقبَّل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يجعلنا من أهل الطاعة والاستمرار والمداومة على العمل الصالح حتى نلقاه... اللهم آمين يا رب العالمين. [email protected]