13 سبتمبر 2025

تسجيل

مانهيتكم عنه فاجتنبوه

13 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما نهيتكم عنه، فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم». رواه البخاري ومسلم.وفي سبب ورود هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلت: نعم، لوجبت، ولما استطعتم ثم قال: ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء، فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء، فدعوه».والأحاديث كثيرة في النهي عن السؤال عما لا يحتاج إليه مما يسوء السائل جوابه، وعلى النهي عن السؤال على وجه التعنت والعبث والاستهزاء، كما كان يفعله كثير من المنافقين وغيرهم. والسؤال عن كثير من الحلال والحرام مما يخشى أن يكون السؤال سببا لنزول التشديد فيه، وفي " الصحيح: «إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته».وأشار صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى أن في الاشتغال بامتثال أمره، واجتناب نهيه شغلا عن المسائل، «فقال: إذا نهيتكم عن شيء، فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم»، فالذي يتعين على المسلم الاعتناء به والاهتمام أن يبحث عما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم يجتهد في فهم ذلك، والوقوف على معانيه، وبذل وسعه في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر، واجتناب ما ينهى عنه.وقد كان كثير من الصحابة والتابعين يكرهون السؤال عن الحوادث قبل وقوعها، ولا يجيبون عن ذلك. خرج عمر على الناس، فقال: أحرج عليكم أن تسألونا عن ما لم يكن، فإن لنا فيما كان شغلا. وكان زيد بن ثابت إذا سئل، عن الشيء يقول: كان هذا؟ فإن قالوا: لا، قال: دعوه حتى يكون.وقد كان معاذ بن جبل رضي الله عنه أعلم الناس بالحلال والحرام، وهو الذي يحشر يوم القيامة أمام العلماء برتوة، ولم يكن علمه بتوسعة المسائل وتكثيرها، بل قد سبق عنهكراهة الكلام فيما لا يقع، وإنما كان عالما بـالله وعالما بأصول دينه.وقد قيل للإمام أحمد: من نسأل بعدك؟ قال عبد الوهاب الوراق، قيل له: إنه ليس له اتساع في العلم، قال: إنه رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق.وفي الجملة فمن امتثل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، وانتهى عما نهى عنه، وكان مشتغلا بذلك عن غيره، حصل له النجاة في الدنيا والآخرة، ومن خالف ذلك، واشتغل بخواطره وما يستحسنه، وقع فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم.وقوله صلى الله عليه وسلم " «إذا نهيتكم عن شيء، فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم» " قال بعض العلماء: هذا يؤخذ منه أن النهي أشد من الأمر، لأن النهي لم يرخص في ارتكاب شيء منه، والأمر قيد بحسب الاستطاعة.وقال عمر بن عبد العزيز: ليست التقوى قيام الليل، وصيام النهار، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن التقوى أداء ما افترض الله، وترك ما حرم الله.وحاصل كلامهم يدل على اجتناب المحرمات - وإن قلت - أفضل من الإكثار من نوافل الطاعات.فإن الداعي إلى فعل المعاصي قد يكون قويا، لا صبر معه للعبد على الامتناع مع فعل المعصية مع القدرة عليها، فيحتاج الكف عنها حينئذ إلى مجاهدة شديدة، ربما كانت أشق على النفوس من مجرد مجاهدة النفس على فعل الطاعة، ولهذا يوجد كثيرا من يجتهد فيفعل الطاعات، ولا يقوى على ترك المحرمات.وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "«إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» " دليل على أن من عجز عن فعل المأمور به كله، وقدر على بعضه، فإنه يأتي بما أمكنه منه.