14 سبتمبر 2025
تسجيلبعد الانتهاكات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية في الأشهر الماضية وما تزال، الذي خططت له إسرائيل في تنفيذ مخططاتها في القدس لتهويدها، وقتل الأطفال والنساء لمجرد الشبهة وغيرها من الممارسات التي تجاوزت كل الحدود والأعراف القانونية، في ظل الظروف الحالية من عدم الالتزام بالاتفاقات مع السلطة الفلسطينية التي لم تلامس الواقع الحقيقي، وهو الحل العادل الذي يحقق للشعب الفلسطيني طموحه في استعادة حقه السليب وعلى رأسها القدس الشريف، وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تراوغ إسرائيل من الوفاء بالتزاماتها بالانسحاب منها ضمن ما يسمى بالعملية السلمية، والتهويد والإصرار على وإقامة المستوطنات الصهيونية منذ ما يقرب من أربعة عقود..فهل انتفاضة ثالثة يكون لها الفضل في إنجاز الاستقلال الكامل؟ فما هي خلفيات هذه الانتفاضة؟ وكيف تحركت الانتفاضة الأولى التي أجهضتها اتفاقات أوسلو؟ وهل ستلحق انتفاضة أخرى جديدة بنفس الظروف وأسباب الانتفاضة الأولى؟. بدأت الشرارة للانتفاضة الأولى من مخيم جباليا وبالتحديد في 8 ديسمبر1987 عندما كان عدد من العمال الفلسطينيين عائدين من عملهم في إسرائيل، ويترجلون من السيارة التي تنقلهم أمام حاجز للتفتيش فإذا بشاحنة عسكرية تدهسهم ولاذ سائقها بالفرار. وأسفر هذا الحادث عن سقوط 4 قتلى وسبعة جرحى كلهم من مخيم جباليا. وصلت هذه الأنباء إلى المخيم فاشتعل الغضب العارم. وقبل الانتفاضة بحوالي شهر تنبأ مسؤول رسمي في الأمم المتحدة بحدوثها، وأدرك أن الانتفاضة أمر حتمي بعد عشرين عامًا من الاحتلال والإحباط وخيبة الأمل، وكانت الإحباطات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في حاجة فقط إلى شرارة ليحدث الانفجار الكبير لهذا الشعب الذي لاقى من المعاناة والقهر ما لم يلقه شعب آخر في العصر الحديث. وقد سجلت في تلك الفترة وثيقة قدمت للأمم المتحدة عن الأوضاع التي يعيشها الأطفال الفلسطينيون، فذكرت أن هناك جيلًا ينمو في ظل أحوال معيشية واجتماعية وتعليمية قاسية، ولا شك أنها أحوال صعبة، ورغم أنه يمكن القول بأن المجتمع الدولي قد ركز اهتمامه لفترة تزيد على ثلاثين عامًا على هؤلاء الفلسطينيين بصفة لاجئين، وقد حاولت العديد من المنظمات الدولية تأمين المستوى الأساسي للحياة على الأقل، إلا أن أوضاعهم بقيت متردية وصعبة والاضطرابات السياسية التي شهدتها المنطقة تشكل عنصرًا جديدًا لم تعايشه غالبية أطفال العالم. ورغم أن هذه الاضطرابات تترك بصماتها على جميع أطفال العالم إلا أن أطفال الضفة والقطاع ينوءون بعبء إضافي يتمثل في العيش في ظل احتلال قاس، وعنيف منذ يونيو 1967م.وفي ظل هذا المناخ انطلقت شرارة الانتفاضة وسجلت انتصارًا نفسيًا ومعنويًا على الاحتلال من خلال صمودها الطويل لتخلق واقعًا جديدًا لا بد من إعادة النظر إليه بصورة مختلفة. ويعتقد البعض من المحللين والخبراء الاستراتيجيين أن عملية التسوية التي بدأت بمؤتمر مدريد أكتوبر 1991م كانت اتجاهًا تكتيكيًا من إسرائيل لوضع حل لمشكلة الانتفاضة التي أقلقت إسرائيل وشكلت عبئًا أمنيًا عليها طوال فترة الانتفاضة ونعتقد أن انتفاضة الأقصى ستكون النهاية للاحتلال.