31 أكتوبر 2025
تسجيلإن الأسرة كلمة تشد كل شخص معتدل يريد أن يبحث عما يستفيد منه في حياته الأسرية ،فتتكون لدى الفرد الثقافة الأسرية التي بها يتحمل المسؤولية الاجتماعية في الحرص على هذا الكيان المهم في بناء المجتمع، فحين قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بسبي، فإذا في السبي امرأة تطوف وهي في حالة ذهول، تبحث عن فلذة كبدها تبحث عن رضيعها وهذا على مرأى من النبي صلى الله عليه وسلم وبعض من الصحابة الكرام، فما هو إلا أن وجدت ولدها ذاك فالتزمته وألصقته بصدرها وألقمته ثديها تطعمه وتضمه، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عاطفة الأمومة ورحمة الأم وتعجب من ذلك ونظر إلى الصحابة فسألهم: أترون هذه المرأة ملقية ولدها في النار؟ قالوا : لا يا رسول الله فقال:( الله أرحم بعباده من هذه بولدها) رواه مسلم، فقلب الأم شجرة ذات ورق كثير فما أن تضع مولودا إلا وفيه من أوراق قلبها الكثير والأصل يحن إلى الفرع كثيرا، فقلب الأم قلب ليس لها ولكنها جعلته لغيرها لكل من خلق من لحمها وجرى في جسده دمها وغذي حليبها ،فقلبها رهيف الحس يشعر بكل شيء إلا بنفسه هو إيثار ينبض ورحمة بل رحمات .، فكم من ليلة أبى القلب الكبير الذي حواه صدرك أن يدع الجفون تذوق السهاد ،لأنها تخشى أن يفقد الصغير اليد التي تهدهده ،فما عادت الأم تلذ للطعام وتكبر مشاق تربيته معه ويكبر مع هذا كله قلب الأم ورحمتها، يشاكس فتضربه ثم تعود لتضمه إلى صدرها وتقبله وتكفكف عن عينيه الدمع.إنه يمرض فيمرض قلبها وهي ترى قلبها الآخر عليلا، فلا يطيب لها شيء إلا سلامة ولدها ولو كان الثمن سلامتها هي ،فكيف يعيش من فقد أمه التي خلق في رحمها وعاش ترعاه رحمتها ،فإن فقد الأم فذاك هو كل الألم ،فالأمومة هي عاطفة ركزت في الأم السوية تدفعها إلى بذل المزيد من الرحمة والشفقة والعطف والحنان، لذلك أوصى القرآن الكريم والنبي العظيم بالأم لفضلها ومكانتها التي ميزتها عن الأب بالحمل والرضاع والرعاية، فالأسرة في رمضان يقع على عاتقها مسؤولية عظمى في التوجيه والرعاية والتربية والبناء، لأن النفس البشرية عميقة وتحتاج إلى جهود كبرى لفهمها والتوصل إلى المعاملة المثالية معها ،فإذا ما كانت الأمومة في منظومة الاستقرار والسكن كانت هي الحصن الأقوى في مواجهة التحديات والعقبات المحدقة بها من كل جانب، فكلما كانت الأسرة متماسكة ازداد البناء صلابة وقوة في مواجهة الأخطار والأهوال التي يتعرض لها النشء وازداد المجتمع قوة وأمنا وسيرا في ركب التقدم والرقي، فعلى قدر ثباتها واستقرارها تقاس حضارات الأمم والسيادة والريادة لكل أمة . وحين ندرك أهمية هذه النواة وهذا البناء وندرك بوعي تبعاته وأبعاده في عمارة الأرض سندرك بجلاء معنى حرص الشرع الكريم على سلامة هذه العلاقة،والتأكيد على أهمية صناعة الاستقرار فيها، فعلى كل مسلم أدرك رمضان وهو في صحة وعافية أن يستغله في طاعة الله تعالى ويبحث عن الحوافز الإيمانية التي تبعث في نفس المؤمن الهمة والحماس في عبادة الله تعالى في هذا الشهر الكريم,، لأنك ستعرض على الله وتوزن عليك أعمالك فما كان خيرا فهنيئا جنة عرضها السموات والأرض وما كان غير ذلك فنار عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وحيث أن الأسرة كيان مستقل له صفاته الخاصة وميزاته الخاصة إلا إنه كيان ضمن مجموعة كبيرة من الأسر والأفراد، وهذه الأسرة أو تلك ليست وحيدة على الساحة بل تتأثر و تؤثر بما يحصل في خارج محيطها وتتفاعل معه فكان من صميم الدعوة إلى الخير أن تبدأ بمن تعول.